الوزير: وقد استدل الزيدية في أنه طلاق بثلاثة أحاديث وأجاب عنها بوجوه حاصلها أنها مقطوعة الأسانيد وأنها معارضة بما هو أرجح وأن أهل الصحاح لم يذكروها واختلف العلماء أيضا في شروط الخلع فالزيدية جعلوا منها النشوز وهو قول داود الظاهري والجمهور على أنه ليس بشرط وهو الحق لأن المرأة اشترت الطلاق بمالها ولذلك لم تحل فيه الرجعة على القول بأنه طلاق قال العلامة ابن الوزير: ثم تأملت فإذا الأمر المشترط فيه خوف أن لا يقيما حدود الله هو طيب المال للزوج لا الخلع لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ولم يقل في الخلع يوضحه أنه لوضارها حرم عليه لقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} انتهى ثم قال في السيل الجرار بعد ذكر أدلة الفريقين الدالة على أن الخلع طلاق أو فسخ ما نصه: فهذه الأحاديث تدل على أنه فسخ لا طلاق قال: والذي ينبغي الجمع به هو أن عدة الخلع حيضة لا غير وليس الغير سواء كان بلفظ الطلاق أو بغيره مما يشعر بتخلية السبيل أو بتركها وشأنها من دون أن يجري منه لفظ قط قد يكون الوارد في هذا الطلاق الكائن في الخلع مخصصا لما ورد في عدة المطلقة فتكون عدة الطلاق ثلاثة قروء إلا إذا كان الطلاق مع الافتداء فإنه حيضة واحدة ولا تحسب عليه طلقة إلا إذا جاء بلفظ الطلاق أو بما يدل عليه لا إذا لم يقع منه لفظ البتة بل تركها وشأنها فإن هذا لا يحسب عليه طلاقا بهذا التقرير تجتمع الأدلة ويرتفع الإشكال على كل تقدير وأما كونه يمنع الرجعة فلما قدمنا أن الطلاق لا يتبع الطلاق انتهى.
وعدته حيضة لحديث الربيع بنت معوذ عند النسائي في قصة امرأة ثابت "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها قال: نعم"فأمرها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن تعتد بحيضة واحدة وتلحق بأهلها"ورجال إسناده كلهم ثقات ولها حديث آخر عند الترمذي والنسائي وابن ماجه "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمرها أن تعتد بحيضة وفي إسناده محمد بن اسحق وقد صرح بالتحديث وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة"وأخرج الدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح عن أبي الزبير وفيه فأخذها وخلى سبيلها