الأبوين سواء كان ذكرا أوأنثى فأيهما اختاره يكون عنده وأخذ هذا النوع من التطبيق من قضاء علي رضي الله تعالى عنه فإنه خيّر صبيا كان ابن سبع سنين أو ثمان سنين بين الأم والعم وقال لأخيه الصغير منه وهذا أيضا لو قد بلغ هذا لخيرته وقال أبو حنيفة: الأم أحق بالغلام حتى يأكل ويلبس وحده وبالجارية حتى تحيض ثم بعد ذلك الأب أحق بهما أقول: الحق أن الحضانة للأم ثم للخالة للدليل الذي قدمنا ولا حضانة للأب ولا لغيره من الرجال والنساء إلا بعد بلوغ الصبي سن التمييز فإن بلغ إليه ثبت تخييره بين الأم والأب وإذا عد ما كان أمره إلى أوليائه إن وجدوا وإلا كان إلى قرابته الذين ليسوا بأولياء ويقدم الأقرب فالأقرب ولكن ليس هذا الدليل اقتضى ذلك بل لأن حضانة الصبي وكفالة أمره لا بد منه والقرابة أولى به من الأجانب بلا ريب وبعض القرابة أولى من بعض فأحقهم به بعد عدم من وردت النصوص بثبوت حضانته هو الأولياء لكون ولاية النظر في مصالحه إليهم ومع عدمهم تكون حضانته إلى الأقرب فالأقرب هذا ما يقتضيه النظر الصحيح ومن رام الوقوف على جميع العلل التي علل بها المختلفون في التقديم والتأخير في باب الحضانة فعليه بالهدي لابن القيم ولكنه لم يترجح لدي إلا ما ذكرته ههنا وذكره الماتن وقد يقال: إن حديث "أنت أحق به ما لم تنكحي" يفيد ثبوت أصل الحق في الحضانة للأب بعد الأم ومن هو بمنزلتها وهي الخالة فتكون أهل الحضانة الأم ثم الخالة ثم الأب "ثم يُعين الحاكم من القرابة من رأى فيه صلاحا"لأنه إذا عدمت الأم والخالة والأب فالصبي محتاج إلى من يحضنه بالضرورة والقرابة أشفق به فيعين الحاكم من يقوم به منهم ممن يرى فيه صلاحا للصبي وقد أخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال: إن امرأة عمر بن الخطاب خاصمته إلى أبي بكر في ولد عليها فقال أبو بكر: هي أعطف وألطف وأرحم وأحنى وهي أحق بولدها ما لم تتزوج فهذه الأوصاف تفيد أن أبا بكر جعل العلة العطف واللطف والرحمة والحنو "وبعد بلوغ سن الاستقلال يخير الصبي بين أبيه وأمه"لحديث أبي هريرة عند أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي "أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه "وفي لفظ "أن امرأة جاءت فقالت: يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عتبة وقد نفعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما