وإن سخطها ردها وصاعا من تمر "وفي رواية مسلم وغيره "من اشترى مصراة فهو منها بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر لا سمراء" قلت عليه الشافعي وفي المنهاج التصرية حرام تثبت الخيار على الفور وقيل: يمتد ثلاثة أيام فإن رد بعد تلف اللبن١ رد معها صاع تمر وقيل يكفي صاع قوت والأصح أن الصاع لا يختلف بكثرة اللبن وفي شرح السنة قال أبو حنيفة: لا خيار له بسبب التصرية وليس له ردها بالعيب بعد ما حلبها وقال ابن أبي ليلى: وأبو يوسف: بردها ويرد معها قيمة اللبن قال في الحجة البالغة: واعتذر بعض من لم يوفق للعمل بهذا الحديث بضرب قاعدة من عند نفسه فقال: كل حديث لا يرويه إلا غير فقيه أسند باب الرأي فيه يترك العمل به وهذه القاعدة على ما فيها لا تنطبق على صورتنا هذه لأنه أخرجه البخاري عن ابن مسعود أيضا وناهيك به ولأنه بمنزلة سائر المقادير الشرعية يدرك العقل حسن تقدير ما فيه ولا يستقل بمعرفة حكمه هذا القدر خاصة اللهم إلا عقول الراسخين في العلم انتهى قال ابن القيم: ومنها رد المحكم الصحيح الصريح في مسألة المصراة بالمتشابه من القياس وزعمهم أن هذا حديث يخالف الأصول فلا يقبل فيقال: الأصول كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة والقياس الصحيح الموافق للكتاب والسنة فالحديث الصحيح أصل بنفسه فكيف يقال الأصل يخالف نفسه؟ هذا من أبطل الباطل والأصول في الحقيقة اثنان لا ثالث لهما: كلام الله تعالى وكلام رسوله وما عداهما فمردود إليهما فالسنة أصل قائم بنفسه والقياس فرع فكيف يرد الأصل بالفرع؟ قال الإمام أحمد: إنما القياس أن يقيس على أصل فأما أن يجيء إلى أصل فيهدمه ثم يقيس فعلى أي يقيس وقد تقدم بيان موافقة حديث المصراة للقياس وإبطال قول من زعم أنه خلاف القياس وأنه ليس في الشريعة حكم يخالف القياس الصحيح وأما القياس الباطل فالشريعة كلها مخالفة له ويا لله العجب كيف وافق الوضوء بالنبيذ المشتد الأصول حتى قبل وخالف خبر المصراة الأصول حتى رد انتهى. والحاصل: أنه لم يرد ما يعارض حديث المصراة
١قوله تلف اللبن أي حلبه وعبر به عنه لأنه بمجرد حلبه يسري إليه التلف اهـ. من ابن حجر على المنهاج.