رضي الله تعالى عنهم يؤجرون أنفسهم في عصره صلى الله عليه وسلم ويعملون الأعمال المختلفة حتى إن عليا آجر نفسه من امرأة على أن ينزع لها كل ذنوب بتمرة فنزع ستة عشر ذنوبا حتى مجلت١ يداه فعدت له ست عشرة تمرة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأكل معه منها أخرجه أحمد من حديث علي بإسناد جيد وأخرجه أيضا ابن ماجه وصححه ابن السكن وأخرجه البيهقي وابن ماجه من حديث ابن عباس "أن عليا آجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة "وأما المانع الشرعي فهو مثل الصور التي سيأتي ذكرها
"وتكون الأجرة معلومة عند الاستئجار"لحديث أبي سعيد المتقدم "فإن لم تكن"أجرته "كذلك"أي معلومة "استحق الأجير مقدار عمله عند أهل ذلك العمل"لحديث سويد بن قيس السابق ولكون ذلك هو الأقرب إلى العدل وأما أجرة القسام فأقول: القسام أجير كسائر الأجراء يستحق أجرته ممن عمل له فإن كانت مسماة لم يستحق سواها وإن كانت غير مسماة كانت له مثله على حسب العمل ولكنه لا يُجعل له من الأجرة ما يُجعل لمن يزاول الأعمال الوضيعة لأن مرجع صناعة القسمة إلى العلم وهو أشرف صناعة دينا ودنيا ولا يجعل له ما يجعل للقسامين في هذا العصر من الأجرة التي تكاد تبلغ إلى مقدار نصيب بعض المقتسمين فإن ذلك من الظلم البحت بل يسلك به مسكا وسطا وتكون الأجرة على مقدار الأنصباء فيكون على كل واحد من الشركاء بمقدار نصيبه وأما ما يروى عن بعض أهل العلم أن أجرة القسام تكون نصف عشر التركة أو ربع عشرها فمجازفة لا ترجع إلى دليل بل إعانة لظلمة القسامين على أكل أموال الناس بالباطل ولقد تفاحش كثير من الحكام ونوابهم في هذا الأمر وصنعوا صنيع من لا يخشى تبعة في الدنيا والآخرة نسأل الله السلامة مع أن من كان منهم يأخذ مقررا من بيت المال لا يستحق على القسمة شيئا من الأجرة لأنه قد صار مستغرق المنافع فكما أنه لا يأخذ أجرة على قضائه كذلك لا يأخذ أجرة على القسمة لأن الكل من مصالح المسلمين التي أخذ نصيبا من بيت المال في مقابلة القيام بها بحسب طاقته
١مجلت يده إذا تخن جلدها وظهر فيها ما يشبه البئر من العمل في الأشياء الصلبة الخشنة قاله ابن الأثير.