وفي مسجده صلى الله تعالى عليه وآله وسلم"لحديث عائشة في صحيح مسلم وغيره قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله" فهذا يدل على جواز إنفاق ما في الكعبة إذا زال المانع وهو حداثة عهد الناس بالكفر وقد زال ذلك واستقر أمر الإسلام وثبت قدمه في أيام الصحابة فضلا عن زمان من بعدهم وإذا كان هذا هو الحكم في الأموال التي في الكعبة فالأموال التي في غيرها من المساجد أولى بذلك بفحوى الخطاب فمن وقف على مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم أو على الكعبة أو على سائر المساجد شيئا يبقى فيها لا ينتفع به أحد فهو ليس بمتقرب ولا واقف ولا متصدق بل كانز يدخل تحت قوله تعالي: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية ولا يعارض هذا ما روى أحمد والبخاري عن أبي وائل قال: "جلست إلى شيبة في هذا المسجد فقال: جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين قلت: ما أنت بفاعل قال: لم قلت لم يفعله صاحباك فقال: هما المرآن يُقتدى بهما " لأن هذا من عمر ومن شيبة بن عثمان بن طلحة اقتداء بما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وقد أبان حديث عائشة السبب الذي لأجله ترك صلى الله عليه وسلم ذلك أقول: وفي حاشية الشفاء: وأما أموال المساجد فإن كانت كالأموال التي يقفها الواقفون عليها ليحصل من غلاتها ما يحتاج إليه من عمارة ونحوها وما يقوم بمن يحييها بالصلاة والتلاوة وتدريس العلوم فلا شك أن هذا من أعظم القرب ولا يحل لمسلم أن يأخذ منه شيئا وإن كان ذلك من الأمور التي لمجرد الزخرفة التي هي من علامات القيامة ن أو للمباهاة والمكاثرة فهو من إضاعة المال بل من وضعه في معاصي الله فيكون أخذه وصرفه في مصالح المسلمين من باب القيام بواجبين: أحدهما النهي عن المنكر والثاني توقي إضاعة المال المنهي عنها بالدليل الصحيح وأما وضع الحلي في الكعبة والدراهم والدنانير والجواهر النفيسة فلا أستبعد أن يكون فاعله من الكانزين الذي قال الله عز وجل فيهم: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} ولا