للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لورود الأدلة الدالة على ثبوت الأجر لفاعل ذلك فقس على هذا غيره مما هو مساوله في ثبوت الأجر لفاعله وما هو آكد منه في استحقاق الثواب "وللمتولي عليه أن يأكل منه بالمعروف"لما تقدم في وقف عمر الذي قرره النبي صلى الله عليه وسلم "وللواقف أن يجعل نفسه في وقفه كسائر المسلمين"لما تقدم في حديث عثمان من قوله صلى الله عليه وسلم: فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين" ومن وقف شيئا مضارة لوارثه كان وقفه باطلا" لأن ذلك مما لم يأذن به الله سبحانه بل لم يأذن إلا بما كان صدقة جارية ينتفع بها صاحبها لا بما كان إثما جاريا وعقابا مستمرا وقد نهى الله تعالى عن الضرار في كتابه العزيز عموما وخصوصا ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عموما كحديث "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" وقد تقدم وخصوصا كما في ضرار الجار وضرار الوصية ونحوهما. والحاصل أن الأوقاف التي يراد بها قطع ما أمر الله به أن يوصل ومخالفة فرائض الله عز وجل فهي باطلة من أصلها لا تنعقد بحال وذلك كمن يقف على ذكور أولاده دون إناثهم وما أشبه ذلك فإن هذا لم يرد التقرب إلى الله تعالى بل أراد المخالفة لأحكام الله عز وجل والمعاندة لما شرعه لعباده وجعل هذا الوقف الطاغوتي ذريعة إلى ذلك المقصد الشيطاني فليكن هذا منك على ذُكر فما أكثر وقوعه في هذه الأزمنة وهكذا وقف من لا يحمله على الوقف إلا محبة بقاء المال في ذريته وعدم خروجه عن أملاكهم فيقفه على ذريته فإن هذا إنما أراد المخالفة لحكم الله عز وجل وهو انتقال الملك بالميراث وتفويض الوارث في ميراثه يتصرف فيه كيف يشاء وليس أمر غنى الورثة أو فقرهم إلى هذا الواقف بل هو إلى الله عز وجل وقد توجد القربة في مثل هذا الوقف على الذرية نادرا بحسب اختلاف الأشخاص فعلى الناظر أن يمعن النظر في الأسباب المقتضية لذلك ومن هذا النادر أن يقف على من تمسك بالصلاح من ذريته أو اشتغل بطلب العلم فإن هذا الوقف ربما يكون المقصد فيه خالصا والقربة متحققة والأعمال بالنيات ولكن تفويض الأمر إلى ما حكم الله به بين عباده وارتضاه لهم أولى وأحق "ومن وضع مالا في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه في أصل الحاجات ومصالح المسلمين ومن ذلك ما يوضع في الكعبة

<<  <  ج: ص:  >  >>