للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولها حكمه"لأن المعتبر في التبايع إنما هو التراضي والتعاوض وهما حاصلان في الهبة بعوض إذا كان ذلك واقعا عند التواهب وأما إذا كان في الموهوب له مكافأة غير مرادة للواهب عند الهبة فهي كالهدية وبالجملة فتنطبق على الهبة بغير عوض الأدلة المتقدمة في الهدية وتنطبق على الهبة بعوض الأدلة المتقدمة في البيع وقد تقدمت فلا حاجة إلى إيرادها ههنا "والعمرى" بضم العين المهملة وسكون الميم مع القصر عند الأكثر وهي مأخوذة من العمر وهو الحياة سميت بذلك لأنهم كانوا في الجاهلية يعطي الرجل الرجل الدار ويقول له: أعمرتك إياها أي أبحتها لك مدة عمرك وحياتك فقيل لها عمرى لذلك.

"والرقبى" بوزن العمرى مأخوذة من المراقبة لأن كل واحد منهما يرقب الآخر متى يموت لترجع إليه وكذا ورثته يقومون مقامه هذا أصلهما لغة "توجبان المُلك للمُعْمر والمُرقب ولعقبه من بعده لا رجوع فيهما"لحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرى ميراث لأهلها أو قال جائزة" وفيهما من حديث جابر قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى لمن وهبت له "وفي لفظ لمسلم "فمن أُعمر عمرى فهي للذي أعمر حيا وميتا ولعقبه " وفي لفظ لأحمد ومسلم وأبي داود "إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها "ولكن قد قيل إن ذلك من كلام أبي سلمة مدرج في حديث جابر فلا تقوم بهذه الرواية الحجة ولا تصلح لتقييد الأحاديث المطلقة كالحديثين المتقدمين وحديث زيد بن ثابت عند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن حبان قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أعمر عمرى فهي لمعمره حياته ومماته لا ترقبوا من أرقب شيئا فهو سبيل الميراث" وأخرج أحمد والنسائي من حديث ابن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو له حياته ومماته" ورجال إسناده ثقات وورد في محل النزاع ما أخرجه النسائي من حديث جابر بلفظ "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالعمرى أن يهب الرجل الرجل ولعقبه الهبة ويستثني إن حدث بك حدث ولعقبك فهي إلي وإلى عقبي أنها لمن أعطاها ولعقبه "وهكذا ما أخرجه أحمد من حديث جابر "أن رجلا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخيل حياتها فماتت فجاء إخوته فقالوا: نحن فيه شرع سواء قال: فأبى فاختصموا إلى النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>