للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسائي وابن حبان والبيهقي قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "لا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون" وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن النبي صلى الله عليه وسلم "من حلف بغير الله فقد كفر" وفي لفظ "فقد أشرك" وهو عند أحمد من هذا الوجه وفي لفظ للترمذي والحاكم "فقد كفر وأشرك" وفي الباب أحاديث قال في الحجة البالغة: وقد فسره بعض المحدثين على معنى التغليظ والتهديد ولا أقول بذلك وإنما المراد عندي اليمين المنعقدة واليمين الغموس باسم غير الله تعالى على اعتقاد ما ذكرنا وقال في المسوى: قال الشافعي من حلف بغير الله فهو يمين مكروهة وأخشى أن يكون معصية فإن قبل أليس قد أقسم الله ببعض مخلوقاته فقال: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} أليس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الأعرابي: "أفلح وأبيه إن صدق " فالجواب يكون بوجهين: أحدهما أن فيه إضمارا معناه ورب السماء ورب الشمس ورب أبيه ونحو ذلك حيثما وقع وثانيهما وهو الأصح أن النهي إنما وقع عما كان على قصد التعظيم للمحلوف بإسمه كالحالف بالله يقصد بذكره التعظيم دون ما كانت العرب تستعمله تؤكد به كلامها من غير ذلك التعظيم. أقول: الحلف باسم غير الله تعالى على اعتقاد تعظيمه بحيث يكون الحنث مع ذكر اسمه موجبا عنده للعقوبة في الدنيا والآخرة شرك وبغير هذا التعظيم مكروه لأجل المشابهة مثل ما ذكروا من التفصيل في النهي عن القول يمطرنا بنوء كذا وكذا انتهى وفي حديث الصحيحين وغيرهما بلفظ "من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله " ولا ريب أن الإنسان إنما يحلف بما هو عظيم عنده ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحالف أن يحلف بالله أو يصمت فمن حلف باللات والعزى كان معظما لهما ومن عظمهما كفر ومن كفر لم يرجع إلى الإسلام إلا بكلمة الإسلام وهي لا إله إلا الله "ومن حلف فقال إن شاء الله فقد استثنى ولا حِنْث عليه"لحديث أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث " أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي وابن حبان ولفظ ابن ماجه "فله ثنياه " ولفظ النسائي "فقد استثنى " وأخرجه الحاكم وقد صححه ابن حبان وأخرج أبو داود عن عكرمة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأغزون قريشا ثم قال: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>