للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الوصفين" أي عن وصف كونه طاهرا وعن وصفه كونه مطهرا إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات.

هذه المسألة الثانية من مسائل الباب وهي أنه لا يخرج الماء عن الوصفين إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة من النجاسات لا من غيرها وهذا المذهب هو أرجح المذاهب وأقواها.

والدليل عليه ما أخرجه أحمد وصححه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه أيضا يحيى بن معين وابن حزم من حديث أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة؟ وهي بئر يلقى فيها الحيض١ ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور لا ينجسه شيء". وقد أعله ابن القطان باختلاف الرواة في اسم الراوي له عن أبي سعيد واسم أبيه وليس ذلك بعلة وقد اختلف في أسماء كثير من الصحابة والتابعين على أقوال ولم يكن ذلك موجبا للجهالة على أن ابن القطان نفسه قال بعد ذلك الإعلال: وله طريق أحسن من هذه ثم ساقها عن أبي سعيد وقد قامت الحجة بتصحيح من صححه من أولئك الأئمة.

وله شواهد منها حديث سهل بن سعد عند الدارقطني ومن حديث ابن عباس عند أحمد وابن خريمة وابن حبان ومن حديث عائشة عند الطبراني في الأوسط وأبي يعلى والبزار وابن السكن كلها بنحو حديث أبي سعيد, وأخرجه بزيادة الاستثناء الدارقطني من حديث ثوبان بلفظ: "الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو لونه أو طعمه", وأخرجه أيضا مع الزيادة ابن ماجة والطبراني من حديث أبي أمامة بلفظ: "إن الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه بنجاسة تحدث فيه" وفي إسنادهما من لا يحتج به, وقد اتفق أهل الحديث على ضعف هذه الزيادة لكنه قد وقع الإجماع على مضمونها كما نقله ابن المنذر وابن الملقن في البدر المنير والمهدي في البحر, فمن كان يقول بحجيّة الإجماع كان الدليل عنده على ما أفادته تلك الزيادة هو الإجماع, ومن كان لا يقول بحجيّة الإجماع كان هذا الإجماع مفيداً لصحة تلك


١ جمع حيضة وهي الخزنة التي تتقي بها المرأة دم الحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>