للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزيادة لكونها قد صارت مما أُجمع على معناها وتُلقّي بالقبول فالاستدلال بها لا بالإجماع. وعن الثاني ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات الطاهرة. .

هذه المسألة الثالثة من مسائل الباب ووجه ذلك أن الماء الذي شرع لنا التطهير به هو الماء المطلق الذي لم يضف إلى شيء من الأمور التي تخالطه فإن خالطه شيء أوجب إضافته إليه كما يقال ماء ورد ونحوه فليس هذا الماء المقيد بنسبته إلى الورد مثلاً هو الماء المطلق الموصوف بأنه طهور في الكتاب العزيز بقول سبحانه: {مَاءً طَهُوراً} وفي السنة المطهرة بقول صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور" فخرج بذلك عن كونه مطهراً ولم يخرج به عن كونه طاهراً لأن الفرض أن الذي خالطه طاهر واجتماع الطاهرين لا يوجب خروجهما عن الوصف الذي كان مستحقاً لكل واحد منهما قبل الاجتماع.

قال في حجة الله البالغة: وأما الوضوء من الماء المقيد الذي لا يطلق عليه اسم الماء بلا قيد فأمر تدفعه الملة بادي الرأي, نعم إزالة الخبث به محتمل بل هو الراجح. وقد أطال القوم في فروع موت الحيوان في البئر والعشر في العشر والماء الجاري وليس في كل ذلك حديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم البتة, وأما الآثار المنقولة عن الصحابة والتابعين كأثر ابن الزبير في الزنجي وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في الفأرة والنخعي والشعبي في نحو السِّنَّور فليست مما يشهد له المحدثون بالصحة ولا مما اتفق عليه جمهور أهل القرون الأولى, وعلى تقدير صحتها يمكن أن يكون ذلك تطييباً للقلوب وتنظيفاً للماء لا من جهة الوجوب الشرعي كما ذُكر في كتب المالكية ودون نفي هذا الاحتمال خرط القتاد.

وبالجملة: فليس في هذا الباب شيء يُعتد به ويجب العمل عليه وحديث القلتين أثبت من ذلك كله بغير شبهة ومن المحال أن يكون الله تعالى شرع في هذه المسائل لعباده شيئاً زيادة على ما لا ينفكون عنه من الارتفاقات وهي مما يكثر وقوعه وتعم به البلوى ثم لا ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم نصاً جلياً ولا يستفيض في الصحابة ومن بعدهم ولا حديث واحد فيه والله أعلم انتهى. قلت: وقد أطال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تخريج حديث القُلّتين والكلام عليه جرحاً وتعديلاً لفظاً ومعنى في كتابه تلخيص الحبير في تخريج

<<  <  ج: ص:  >  >>