للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحريم كونه مزيلا للعقل يدعو قليله إلى كثيره فيجب به القول ولا يجوز لأحد اليوم أن يذهب إلى تحليل ما اتخذ من غير العنب واستعمل أقل من حد الإسكار نعم كان ناس من الصحابة والتابعين لم يبلغهم الحديث في أول الأمر فكانوا معذورين ولما استفاض الحديث وظهر الأمر كرابعة النهار صح حديث "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " لم يبق عذر أعاذنا الله تعالى والمسلمين من ذلك انتهى وتمام هذا البحث في مسك الختام فليرجع إليه "وما أسكر كثيره فقليله حرام" لحديث عائشة عند أحمد وأبي داود والترمذي وحسنه وابن حبان والدارقطني وأعله بالوقوف قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: " كل مسكر حرام ما أسكر الفرق١ منه فملء الكف منه حرام " ورجاله رجال الصحيح إلا عمرو بن سالم الأنصاري مولاهم المدني قال المنذري: لم أر أحدا قال فيه كلاما وقال الحاكم: هو معروف بكنيته يعني أبا عثمان وأخرج أحمد وابن ماجه والدارقطني وصححه من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وأخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وقال ابن حجر: رجاله ثقات من حديث جابر وأخرجه أيضا أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي الباب أحاديث قال المسوى: وعليه الشافعي وأبو حنيفة إلا أن الشافعي يقول: كل ما خامر العقل فهو خمر قليله وكثيره حرام يجب منه الحد سواء كان من عنب أو تمر أو عسل أو غير ذلك وسواء كان نيئا أو مطبوخا وفي مذهب أبي حنيفة النيء من ماء العنب إذا اشتد هو الخمر والمسكر من فضيخ التمر حرام يحد منه دون سائر المسكرات انتهى "ويجوز الانتباذ في جميع الآنية"لما أخرجه مسلم وغيره من حديث بريدة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم٢ فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا" وفي لفظ المسلم أيضا وغيره "نهيتكم عن الظروف وإن ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه وكل مسكر حرام " وفي الباب أحاديث مصرحة بنسخ ما قد كان وقع منه صلى الله عليه وسلم من النهي عن الانتباذ في الدباء والنقير والمزفت والحنتم ونحوها كما هو


١بفتح الفاء وإسكان الراء هو مائة وعشرون رطلا ويقال بفتح الراء وهو مكيال يسع تسعة عشر رطلا والأول هو الذي اعتمده اللسان وشراح الحديث.
٢ الادم الجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>