للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد روي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم حتى قال أبو بكر ابن العربي: إنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث وهكذا نقل الإجماع ابن بطال رح, وتُعقِّب بأنه قد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما رحمهم الله إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء, وأما كون تقديم أعضاء الوضوء غير واجب فلأنه يصدق الغسل ويوجد مسماه بالإفاضة على جميع البدن من غير تقديم. "ثم التيامن" لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً عموما وخصوصا فمن العموم ما ثبت في الصحيح أنه صلى الله وسلم عليه كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله. ومن الخصوص ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه بدأ بشق رأيه الأيمن ثم الأيسر في الغسل, وقد ثبت من قوله ما يفيد ذلك ولا خلاف في استحباب التيامن.

فصل "ويُشرع" أي الغسل "لصلاة الجمعة" لحديث: "إذا جاء أحد كم الجمعة فليغتسل" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رض وقد تلقت الأمة هذا الحديث بالقبول ورواه عن نافع رح نحو ثلاثمائة نفس, ورواه من الصحابة غير ابن عمر رض نحو أربعة وعشرين صحابياً, وقد ذهب إلى وجوبه جماعة. قال النووي رح: حُكي وجوبه عن طائفة من السلف رحمهم الله حكوه عن بعض الصحابة رض وبه قال أهل الظاهر وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة وعمار رض ومالك وحكاه الخطابي عن الحسن البصري وحكاه ابن حزم عن جمع من الصحابة رض ومن بعدهم, وذهب الجمهور إلى أنه مستحب واستدلوا بحديث أبي هريرة رض عند مسلم بلفظ: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام١" وبحديث سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم عليه قال: "من توضأ للجمعة فبها ونِعمت ومن اغتسل فذلك أفضل" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي رحمهم الله وفيه مقال مشهور وهو عدم سماع الحسن رح من سمرة رح وغير ذلك من


١ قال ابن حجر في الفتح: ليس فيه نفي الغسل وقد ورد من وجه آخر في الصحيح بلفظ: "من اغتسل" فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب فاحتاج إلى إعادة الوضوء انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>