للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضوع عن الآخر لكونه معذورا فيه وعليه أكثر أهل العلم وفي الحديث دليل على أن بينة المدعي مسموعة بعد يمين المدعى عليه وعليه الشافعي١ انتهى "فمن قضي له بشئ فلا يحل له إلا إذا كان الحكم مطابقا للواقع" لما تقرر أن حكم الحاكم ظني سواء تعلق بمحكوم فيه قطعي أو ظني في إيقاع أو وقوع فلا ينفذ إلا ظاهرا لا باطنا فلا يحل به الحرام ولا يحرم به الحلال للمحكوم له والمحكوم عليه ولكنه يجب امتثاله بحكم الشرع ويجبر من امتنع منه فإن كان المحكوم له يعلم بأن الحكم له بباطل لم يحلل له قبوله ولا يجوز له استحلاله بمجرد حكم الحاكم من غير فرق ومن قال ينفذ حكم الحاكم ظاهرا وباطنا فمقالته باطلة وشبهتها داحضة وقد دفعها الله عز وجل في كتابه العزيز بقوله {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ودفعها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله: "فمن قضيت له بشئ من مال أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" هذا على تقرير أنهم يعممون المسألة في الأموال وغيرها والذي في كتبهم تخصيص ذلك بما عدا الأموال ولا يختلف في هذا من يقول بأن كل مجتهد مصيب ومن لا يقول بذلك لأن القائل بالتصويب لا يريد بذلك أن المجتهد قد أصاب ما في نفس الأمر وما هو الحكم عند الله عز وجل وإنما يريد أن حكمه في المسألة هو الذي كلف به وإن كان خطأ في الواقع ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإن اجتهد فأصاب فله أجران" فجعله مصيبا تارة ومخطئا أخرى ولو كان مصيبا دائما لم يصح هذا التقسيم النبوي وبهذا نعرف أن المراد بقول من قال: كل مجتهد مصيب أنه أراد من الصواب الذي لا ينافي الخطأ لا من الإصابة التي تنافيه والله أعلم.


١ أين الاستدلال على هذا في الحديث الذي سبق. وسيأتي في آخر كتاب الخصومة اختيار المصنف والشارح عدم قبول البينة بعد اليمين ولم يأت هناك بشئ من الأحاديث للاستدلال على أحد القولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>