للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهَادَةً أَبَداً} بعد قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} وقد وقع الخلاف في كتب التفسير والأصول في حكم التوبة المذكورة في آخر الآية قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يجلد الجلد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك قلت: وعليه الشافعي وذهب أبو حنيفة إلى أن شهادة القاذف لا ترد بالقذف فإذا حد فيه ردت شهادته على التأبيد وإن تاب وأصل المسألة أن الاستثناء يعود إلى الفسق فقط في قول أهل العراق وإلى الفسق وعدم قبول الشهادة جميعا في قول أهل الحجاز وقال الشافعي: هو قبل أن يحد شر منه حين يحد لأن الحدود كفارات فكيف ترودنها في أحسن حاليه وتقبلونها في شر حاليه وإذا قبلتم توبة الكافر والقاتل عمدا كيف لاتقبلون توبة القاذف وهو أيسر ذنبا قيل: معنى قول أبي حنيفة أن القاذف ما لم يحد يحتمل أن يكون صادقا وأن يكون معه شهود تشهد بالزنا فإذا لم يأت بالشهداء وأقيم عليه الحد صار مكذبا بحكم الشرع لقوله تعالى: {فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} فوجب رد شهادته ثم رد شهادة المحدود في القذف تأبيدي عنده لقوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} والتأبيد ينافي التعليق فلا يجري فيه القياس وقال الواحدي: أبد كل إنسان مقدار مدته فيما يتصل بقصته يقال: الكافر لا يقبل منه شئ أبدا معناه ما دام كافرا كذلك القاذف لا تقبل شهادته أبدا ما دام قاذفا فإذا زال عنه الكفر أبده وإذا زال عنه الفسق زال أبده لا فرق بينهما في ذلك "ولا" تقبل شهادة "بدوي على صاحب قرية" لحديث أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاتجوز شهادة بدوي على صاحب قرية " أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقي قال المنذري: رجال إسناده احتج بهم مسلم في صحيحه قال في النهاية: إنما كره شهادة البدوي لما فيه من الخفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها وبنحو هذا قال الخطابي وروي نحوه عن أحمد بن حنبل وذهب إلى ذلك جماعة من أصحاب أحمد وبه قال مالك وأبو عبيد وذهب الأكثر إلى القبول قال ابن رسلان: وحملوا هذا الحديث على من لم تعرف عدالته من أهل البدو والغالب أنهم لا تعرف عدالتهم انتهى. وهذا توجيه قوي ومحمل سوي "وتجوز شهادة من يشهد على تقرير فعله أو قوله إذا انتفت التهمة"

<<  <  ج: ص:  >  >>