للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه لم يرد ما يمنع من ذلك حتى يخصصه من عموم الأدلة وأيضا حديث قبول خبر المرضعة وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بعد خبرها "كيف وقد قيل "ورتب على خبرها التحريم وقد تقدم في الرضاع وهي شهدت على تقرير فعلها كما لا يخفى ولم يستدل المانع إلا على١ أن الشاهد إذا شهد على تقرير قوله أو فعله لم يخل من تهمة وقد قيدنا ذلك بانتفاء التهمة وأما تحليف الشهود عند الريبة فالظاهر أنه من جملة التثبيت المأمور به ولا سيما مع فساد الزمان وتواثب كثير من الناس على شهادة الزور وكثيرا ما يتحرج بعض المتساهلين في الشهادة عن اليمين الفاجرة والبعض بالعكس من ذلك ولم يرد ذلك على المنع من تحليف الشهود وأما الاستدلال بقوله تعالى {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} ففي انطباقه على محل النزاع خلاف وأما تفريق الشهود فهو من أعظم ما يستعان به على الفرق بين صدقة الشهادة وكذبها ولا سيما إذا سألهم الحاكم عن بعض الأحوال التي تجوز تواطؤهم عليها قال الماتن رحمه الله في حاشية الشفاء: ولقد انتفعت بتفريق الشهود وتنويع سؤالهم وقل ما تصح شهادة بعد ذلك والحاكم لا يحل له التساهل بل يجب عليه إكمال البحث عن كل ما يتوصل به إلى كشف الحقيقة وهذا منه "وشهادة الزور من أكبر الكبائر" لحديث أنس في الصحيحين وغيرهما قال: ذكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الكبائر أو سئل عن الكبائر فقال: "الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين" وقال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قول الزور أو قال شهادة الزور" وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" قلنا بلى يارسول قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس وقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت" ثم أقول: المراد بالشهادة الإخبار بما يعلمه الشاهد عند التحاكم بأي لفظ كان وعلى أي صفة وقع ولا يعتبر إلا أن يأتي بكلام مفهوم يفهمه سامعه فإذا قال مثلا رأيت كذا وكذا أو سمعت كذا وكذا فهذه شهادة شرعية وقد أحسن المحقق ابن القيم رحمه الله حيث قال في فوائده: ليس مع من اشترط لفظ الشهادة فيها دليل لا من كتاب ولا من


١ لعل صوابه "بأن الشاهد" الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>