قال: هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم نرى أنه نحرقه بالنار فاجتمع أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على أن يحرقه بالنار فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يحرقه بالنار وأخرج أبو داود عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس في البكر يوجد على اللوطية يرجم وأخرج البيهقي عن ابن عباس أيضا "أنه سئل عن حد اللوطي فقال: ينظر أعلى بناء في القرية فيرمى به منسكا ثم يتبع الحجارة" وقد اختلف أهل العلم في عقوبة اللواط بعد اتفاقهم على تحريمه وأنه من الكبائر فذهب من تقدم من الصحابة إلى أن حده القتل ولو كان بكرا سواء كان فاعلا أو مفعولا به وإليه ذهب الشافعي وحكى صاحب شفاء الأوام إجماع الصحابة على القتل وحكى البغوي عن الشعبي والزهري ومالك وأحمد وإسحق أنه يرجم محصنا كان أو غير محصن وروي عن النخعي أنه قال لو كان يستقيم أن يرجم الزاني مرتين لرجم اللوطي وقال المنذري حرق اللوطية بالنار أبو بكر وعلي وعبد الله بن الزبير وهشام بن عبد الملك وذهب من عدا من تقدم إلى أن حد اللوطي حد الزاني وقال الشافعي في الأظهر أن حد الفاعل حد الزنا إن كان محصنا رجم وإلا جلد وغرب وحد المفعول به الجلد والتغريب وفي قول كالفاعل وفي قول يقتل الفاعل والمفعول به وقال أبو حنيفة: يعزر باللواط ولا يجلد ولا يرجم أقول: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقتل الفاعل والمفعول به وصح عن الصحابة امتثال هذا الأمر وقتلهم لمن ارتكب هذه الفاحشة العظيمة من غير فرق بين بكر وثيب ووقع ذلك في عصرهم مرات ولم يظهر في ذلك خلاف من أحد منهم مع أن السكوت في مثل إراقة دم امرىء مسلم لا يسوغ لأحد من المسلمين وكان في ذلك الزمن الحق مقبول من كل من جاء به كائنا من كان فإن اللواط مما يصح اندراجه تحت عموم أدلة الزاني فهو مخصص بما ورد فيه من القتل لكل فاعل سواء كان محصنا أو غير محصن وإن كان غير داخل تحت أدلة الزنا ففي أدلته الخاصة له ما يشفي ويكفي "ويعزر من نكح بهيمة" لكون١ الحديث المروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة" أخرجه أحمد
١ لعل خير "كون" سقط من الأصل والمراد واضح وهو أن الحديث ضعيف.