للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه فقد روى الترمذي وأبو داود من حديث أبي رزين عن ابن عباس أنه قال: "من أتى بهيمة فلا حد عليه" وقال: إنه أصح من الحديث الأول قال: والعمل على هذا عند أهل العلم وقد روى أبو يعلى الموصلي من حديث أبي هريرة نحو حديث ابن عباس في القتل ولكن في إسناده عبد الغفار١ قال ابن عدي: إنه رجع عنه وذكر أنهم كانوا لقنوه وقد وقع الإجماع على تحريم إتيان البهيمة كما حكى ذلك صاحب البحر ووقع الخلاف بين أهل العلم فقيل: يحد الزاني وقيل: يعزر فقط إذ ليس بزنا وقيل يقتل ووجه ما ذكرنا من التعزير أنه فعل محرما مجمعا عليه فاستحق العقوبة بالتعزير وهذا أقل ما يفعل به والحاصل: أن من وقع على بهيمة فقد ورد ما يدل على أنه يقتل ولكن لم يثبت ثبوتا تقوم به الحجة ولا وقع من الصحابة مثل ما وقع في اللواط وفي النفس شئ من دخوله تحت أدلة الزنا العامة فالظاهر التعزير فقط من غير فرق بين بكر وثيب "ويجلد المملوك نصف جلد الحر" لقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ولا قائل بالفرق بين الأمة والعبد كما حكى ذلك صاحب البحر وقد أخرج عبد الله بن أحمد في المسند من "حديث علي قال: أرسلني رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى أمة سوداء زنت لأجلدها الحد فوجدتها في دمها فأخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين" وهو في صحيح مسلم كما تقدم بدون ذكر الخمسين وأخرج مالك في الموطإ عن عبد الله بن عياش المخزومي٢ قال: "أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزنا"وذهب ابن عباس إلى أنه لا حد على مملوك حتى يتزوج تمسكا بقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} الآية وأجيب بأن المراد بالإحصان هنا الإسلام قلت الإحصان في كلام العرب المنع ويقع في القرآن والسنة على الإسلام والحرية والعفاف والتزوج لأن الإسلام يمنعه عما لا يباح له وكذلك الحرية والعفاف والتزوج وقوله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء} أراد المزوجات وقوله تعالى: {أنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ


١هو عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ولم أجد له ترجمة. انظر تلخيص الحبير ص ٣٥٢.
٢ عياش بالياء والشين المعجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>