وفيه أيضا من حديث أبي هريرة نحوه وفي الباب أحاديث يستفاد مجموعها أن حد السكر لم يثبت تقديره عن الشارع وأنه كان يقام بين يديه على صورة مختلفة بحسب ما يقتضيه الحال فالحق أن جلد الشرب غير مقدر بل الذي يجب فعله هو إما الضرب باليد أو العصا أو النعل أو الثوب على مقدار يراه الإمام من قليل أو كثير فيكون على هذا من جملة أنواع التعزير وفي الصحيحين عن علي أنه قال:"ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت وأجد في نفسي شيئا إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه" قلت: وعليه أهل العلم إلا أن الشافعي يقول: أصل حد الخمر أربعون وما زاده عمر على الأربعين كان تعزيرا لما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشارب فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب فلما كان أبو بكر سأل من حضر ذلك المضروب فقومه أربعين فضرب أربعين حياته ثم عمر حتى تتابع الناس فاستشار عمر فضرب ثمانين ثم قال علي: حين أقام الحد على وليد بن عقبة لما بلغ أربعين حسبك جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي" قال في الحجة البالغة: ثم قال أي النبي صلى الله عليه وسلم: "بكتوه فأقبلوا عليه يقولون ما اتقيت الله ما خشيت الله ما استحييت من رسول الله" وروي أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أخذ ترابا من الأرض فرمى به وجهه انتهى وروى مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن حد العبد في الخمر فقال: بلغني أن عليه نصف الحد في الحر وأن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر قد جلدوا عبيدهم نصف حد الحر في الخمر ولا يجوز للإمام أن يعفو عن حد قال سعيد بن المسيب: ما من شئ إلا يحب الله أن يعفو عنه ما لم يكن حدا قلت: وعليه أهل العلم "ويكفي إقراره مرة أو شهادة عدلين" لمثل ما تقدم ولعدم وجود دليل يدل على اعتبار التكرار "ولو على القيء" لكون خروجها من جوفه يفيد القطع بأنه شربها والأصل عدم المسقط ولهذا حد الصحابة الوليد بن عقبة لما شهد عليه رجلان أحدهما أنه شربها والآخر أنه تقيأها فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها كما في مسلم وغيره "وقتله في الرابعة منسوخ" لما رواه الترمذي والنسائي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة فضربه