وغيره من حديث ابن عباس قال:"كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية" فقال الله تعالى لهذه الأمة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} الآية {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} قال: فالعفو أن يقبل في العمد الدية والاتباع بالمعروف أن يتبع الطالب بمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} فيما كتب على من كان قبلكم "ولا خلاف بين أهل الإسلام في وجوب القصاص عند وجود المقتضي وانتفاء المانع "يجب على المكلف المختار" وقد تقدم وجهه العامد لما أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه من حديث عائشة بلفظ "لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال: زان محصن فيرجم ورجل يقتل مسلما متعمدا ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض" وأخرج الترمذي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ "من قتل متعمدا أسلم إلى أولياء المقتول فإن أحبوا قتلوا" الحديث وهو معلوم بالأدلة والإجماع من أهل الإسلام أن القصاص لا يجب إلا مع العمد ولا بد أن يكون عدوانا لأن من قتل عمدا مقتولا يستحق القتل شرعا لم يجب القصاص عليه قلت: عند الشافعي القتل على ثلاثة أنواع: عمد محض وهو أن يقصد قتل إنسان بما يقصد به القتل غالبا سواء كان بمحدد أو مثقل فيجب فيه القصاص عند وجود المكافىء أو الدية مغلظة في مال الجاني حالة والثاني شبه العمد وهو أن يقصد ضربه بما لا يموت مثله من مثل ذلك الضرب غالبا بأن ضربه بعصا خفيفة أو حجر صغير ضربة أو ضربتين فمات فلا يجب فيه القصاص ويجب به الدية مغلظة على عاقلته مؤجلة إلى ثلاث سنين فإن كان المضروب صغيرا أو مريضا يموت منه غالبا أو كان قويا غير أن الضارب والى عليه بالضرب حتى مات يجب القود والثالث الخطأ المحض وهو أن لا يقصد ضربه وإنما قصد غيره فأصابه أو حفر بئرا فتردى فيه إنسان أو نصب شبكة حيث لا يجوز فتعلق بها رجل ومات فلا قود عليه وتجب الدية مخففة على العاقلة في ثلاث سنين ثم القتل ينقسم باعتبار المقتولين إلى أقسام ولكل قسم حكم يخصه إما في القود وإما في الدية وإما فيهما جميعا قتل الحر وقتل العبد وقتل الذكر وقتل الأنثى وقت المسلم وقتل الكفار وقتل الجنين ولا اعتبار لكون المقتول