للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شريفا أو وضيعا جميلا أو دميما صغيرا أو كبيرا غنيا أو فقيرا وإذا وجب القود على إنسان فترك له شئ من الدم بأن عفا أحد الورثة صار موجبه الدية للآخرين وسيأتي تفصيلها وأما إنكار القصاص في دار الحرب مطلقا فلا وجه له من كتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا إجماع فإن أحكام الشرع لازمة للمسلمين في أي مكان وجدوا ودار الحرب ليست بناسخة للأحكام الشرعية أو لبعضها فما أوجبه الله تعالى على المسلمين من القصاص ثبت في دار الحرب كما هو ثابت في غيرها مهما وجدنا إلى ذلك سبيلا ولا فرق بين القصاص وثبوت الأرش إلا مجرد الخيار المبني على الهباء فإن كل واحد منهما حق لآدمي محض يجب الحكم له به على خصمه وهو مفوض إلى اختياره وغاية ما ثبت في هذا ما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم من وضع الدماء التي وقعت في أيام الجاهلية وليس في هذا تعرض لدماء المسلمين فهي على ما ورد فيها من أحكام الإسلام ولا يرفع شيئا من هذه الأحكام إلا دليل يصلح للنقل وإلا وجب البقاء على الثابت في الشرع من لزوم القصاص ولزوم الأرش "إن اختار ذلك الورثة وإلا فلهم طلب الدية" لما تقدم من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين" "وتقتل المرأة بالرجل والعكس والعبد بالحر والكافر بالمسلم" لما أخرجه مالك والشافعي من حديث عمرو بن حزم "أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه إلى أهل اليمن أن الذكر يقتل بالأنثى" ورواه أبو داود والنسائي من طريق ابن وهب عن يونس عن الزهري مرسلا ورواه النسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي موصولا مطولا من حديث الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده وفي هذا الحديث كلام طويل وقد صححه ابن حبان والحاكم والبيهقي وقال ابن عبد البر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم يستغنى بشهرته عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابا أصح من كتاب عمر بن حزم هذا فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز وأما عصره الزهري بالصحة لهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>