الخ ويا لله العجب أي دلالة في هذا على أنه لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل مثلين بنوع من أنواع الدلالة وإنما يدل على أن من صلاة العصر إلى غروب الشمس أقصر من نصف النهار إلى وقت العصر وهذا لا ريب فيه انتهى. وآخره أي آخر وقت العصر صيرورة ظله مثليه قال الشافعي: آخر الوقت المختار للعصر أن يكون ظل كل شيء مثليه وقيل: إلى أن تصفر الشمس وآخر وقت الضرورة مغيب الشمس كذا في المسوى وفي الحجة البالغة وكثير من الأحاديث يدل على أن آخر وقت العصر أن تتغير الشمس وهو الذي أطبق عليه الفقهاء فلعل المثلين بيان لآخر الوقت المختار والذي يستحب فيه أو نقول لعل الشرع نظر أولاً إلى المقصود من اشتقاق العصر أن يكون الفصل بين كل صلاتين نحواً من ربع النهار فجعل الأمد الآخر بلوغ الظل إلى المثلين ثم ظهر من حوائجهم وأشغالهم ما يوجب الحكم بزيادة الأمد وأيضا معرفة ذلك الحد تحتاج إلى ضرب من التأمل وحفظ الفيء الأصلي ورصد وإنما ينبغي أن يُخاطب الناس في مثل ذلك بما هو محسوس ظاهر فنفث الله تعالى في روعه صلى الله وسلم عليه أن يجعل الأمد تغيير قرص الشمس أو ضوئها والله تعالى أعلم. "مادامت الشمس بيضاء نقية" فإذا اصفرت خرج وقت العصر لما ورد في ذلك من الأحاديث منها حديث ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى وسلم عليه: "وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ووقت صلاة المغرب ما لم يسقط ثور١ الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس". أخرجه مسلم وأحمد والنسائي وأبو داود ولا يخالف ما وقع في هذا الحديث في آخر وقت العصر والعشاء ما ورد في بعض الأحاديث أن آخر وقت العصر مصير ظل الشيء مثليه وآخر وقت العشاء ذهاب ثلث الليل. فإن هذا الحديث قد تضمن زيادة غير منافية للأصل لأن وقت اصفرار الشمس هو متأخر عن المثلين إذ هي تبقى بيضاء نقية بعد المثلين وكذلك نصف الليل هو متضمن لزيادة غير منافية لما وقع في رواية بلفظ ثلث الليل على أن الرواية المتضمنة للزيادتين
١ بفتح الثاء المثلثة وإسكان الواو أي ثورانه وانتشاره ومعظمه وفي القاموس أنه حُمْرة الشفق الثائرة فيه، قاله المصنف في نيل الأوطار.