هي أصح من الأخرى١. وأول وقت المغرب غروب الشمس أي سقوط القرص وهو وقت الاختيار الذي يجوز أن يصلى فيه من غير كراهية والعمدة فيه حديثان: حديث جبرائيل عليه السلام فإنه صلى بالنبي صلى الله وسلم عليه يومين وحديث بريدة ففيه أنه صلى الله وسلم عليه أجاب السائل عنها أي عن الأوقات بأن صلى يومين والمفسر منهما قاض على المبهم وما اختلف يتبع فيه حديث بريدة لأنه مدني متأخر والأول مكي متقدم وإنما يتبع الآخر كذا في الحجة. "وآخره ذهاب الشفق الأحمر" جميع كتب اللغة مصرحة بهذا وجميع أشعار العرب ومن بعدهم زعم أن الشفق في لسان أهل اللغة أو لسان أهل الشرع يطلق على البياض فعليه الدليل ولا دليل ولو فُرض وجود ما يدل على ذلك فلا يُنكر ندوره كما لا ينكر أن الشائع في لسان العرب وأهل الشرع وإطلاقه على الحمرة والحمل على الأعم الأغلب هو الواجب ولا يُحمل على النادر فليس ههنا ما يسوغ اختلاف المذاهب قال ابن القيم رح تعالى: امتداد وقت المغرب إلى سقوط الشفق كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر وقد تقدم وفي صحيحه أيضا عن أبي موسى أن سائلا سأل رسول الله صلى الله وسلم عليه عن المواقيت فذكر الحديث وفيه: فأمره فأقام المغرب حين وجبت الشمس فلما كان اليوم الثاني قال: ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ثم قال: الوقت ما بين هذين. وهذا متأخر عن حديث جبرائيل عليه السلام لأنه كان بمكة وهذا قول وذلك فعل وهذا يدل على الجواز وذلك على الاستحباب وهذا في الصحيح وهذا في السنن وهذا يوافق قوله صلى الله وسلم عليه:"وقت كل صلاة ما لم يدخل وقت التي بعدها" وإنما خُص منه الفجر بالإجماع فما عداها من الصلوات داخل في عمومه والفعل إنما يدل على الاستحباب فلا يعارض العام ولا الخالص. "وهو" أي ذهاب
١ اختار المصنف وتبعه الشارح أن وقت العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" رواه الجماعة من حديث أبي هريرة وهو نص صريح في أن آخر وقت العصر إلى غروب الشمس وروى نحوه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه من حديث عائشة. وتأوله الشارح باختصاص هذا الوقت بالمضطرين ولكن صنيعه في وقت الصبح هنا وجعل آخره طلوع الشمس وهو في الحديث وارد مع العصر يرد عليه فإن حكمها واحد في الحديث نعم يُكره التأخير إلى الوقت لغير المضطر ولكن هذا شيء وخروج الوقت شيء آخر.