صلى الله وسلم عليه حلة مسيرة إما سَداها وإما لُحمتها, فذكر الحديث. "ولا ثوب شهرة" لحديث من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة, أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن عمر وهذا الوعيد يدل على أن لبسه محرم في كل وقت فوقت الصلاة أولى بذلك. وأما الثوب المصبوغ بالصفرة والحمرة فالأدلة في ذلك متعارضة فلهذا لم نذكره وقد أفرده الماتن برسالة مستقلة "ولا مغصوب" لكونه ملك الغير وهو حرام بالإجماع, "وعليه استقبال عين الكعبة" إن كان مشاهدا لها أو في حكم المشاهد وجوباً لأنه قد تمكن من اليقين فلا يُعدل إلى الظن والأحاديث المتواترة مصرحة بوجوب الاستقبال بل هو نص القرآن الكريم {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وعلى ذلك أجمع المسلمون وهو قطعي من قطعيات الشريعة, وغير المشاهد ومن في حكمه يستقبل الجهة بعد التحري لأن ذلك هو الذي يُمكنه ويدخل تحت استطاعته ولم يكلفه الله تعالى مالا يطيق كما صرح بذلك في كتابه العزيز, وقد جعل النبي صلى الله وسلم عليه بين المشرق والمغرب قبلة كما في حديث أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجه ومثل ذلك ورد عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم, وقد استقبل النبي صلى الله وسلم عليه الجهة بعد خروجه من مكة المكرمة وشرع للناس ذلك. أقول: استقبال القبلة هو من ضروريات الدين فمن أمكنه استقبال القبلة تحقيقاً فذلك الواجب عليه مثل القاطن حولها المشاهد لها من دون قطع مسافة ولا تجشم مشقة ومن لم يكن كذلك ففرضه استقبال الجهة وليس المراد من تلك الجهة الكعبة على الخصوص بل المراد ما أرشد إليه صلى الله وسلم عليه من كون بين المشرق والمغرب قبلة فمن كان في جهات اليمن وعرف جهة المشرق وجهة المغرب توجه بين الجهتين فإن تلك الجهة هي القبلة وكذلك من كان بجهة الشام يتوجه بين الجهتين من دون إتعاب للنفس في تقدير الجهات فإن ذلك مما لم يرد به الشرع ولا كُلّف به العباد والمحاريب المنصوبة في المساجد والمشاهد المعمورة في بلاد المسلمين الذين لهم عناية بأمر الدين مغنية عن التكلف وكذلك أخبار لعدول المرضيين كافية فإن من قال: هذه جهة القبلة أو عمّر محراباً يأوي إليه الناس لا شك أنه قد بلغ من التحري ما يبلغه من أراد تأدية صلاة أو صلوات في مكان من الأمكنة لأن معرفة