للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٧٣٦] عن أنس رفعه "بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل فوكزني بين كتفي فقمت إلى شجرة فيها مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الأخرى فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلت طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمسست، فالتفت إلى جبريل كأنه جلس لأجلي وفتح بابا من أبواب السماء فرأيت النور الأعظم وإذا دونه الحجاب وفوقه الدر والياقوت، فأوحى إلى عبده ما أوحى" أخرجه البزار، وقال: تفرد به الحارث بن عمير وكان بصريا مشهورا ١.


١ فتح الباري ٨/٦٠٨.
أخرجه البزار رقم٥٨ كشف الأستار من طريق سعيد بن منصور، ثنا الحارث بن عبيد، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك - مرفوعا نحوه. قال ابن حجر - بعد ما نقل قول البزار في آخره -: وهو - أي الحارث بن عمير - من رجال البخاري. والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١/٨٠ وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
تنبيه: ومما تقدم علم أن السلف - رحمهم الله - اختلفوا في إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه. والمعوّل في هذه المسالة، والذي دلّ عليه مجموع الأدلة، هو مضمون رواية عطاء عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال: رأى ربه بفؤاده مرتين، وفي رواية: رآه بقلبه [كلاهما في صحيح مسلم، وقد سبقا مع التخريج] . وأصرح من ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء عن ابن عباس قال: "لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه، وإنما رآه بقلبه". على أن الروايات الواردة عنه رضي الله عنه بعضها مطلق في إثبات الرؤية، وبعضها مقيد برؤية القلب أو الفؤاد - كما سبق آنفا -، فوجب حمل مطلقها على مقيدها كما قال ابن حجر في الفتح ٨/٦٠٨. وقال أيضا: وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما الرؤية فالذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال: رأى محمد ربه بفؤاده مرتين وعائشة أنكرت الرؤية. فمن الناس من جمع بينهما فقال: عائشة أنكرت رؤية العين، وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد، والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هي مطلقة أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: رأى ربه، وتارة يقول: رآه محمد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>