إن زيادة السكان بمعدلات مرتفعة تؤدي إلى فقدان التوازن بين السكان والموارد، وإلى خفض نصيب الفرد من الدخل القومي وعرقلة التنمية، خاصة في البلاد محدودة الدخل. ذلك لأن الجزء الأكبر من الموارد المالية التي يجب تخصيصها للتنمية يتجه إلى الاستثمار السكاني لمواجهة ضغط السكان على الموارد المتاحة، وتلبية طلبهم المتزايد على الغذاء والسلع الاستهلاكية وفرص العمل والإسكان والمياه والطاقة والتعليم والرعاية الصحية والمواصلات والخدمات، وعلى التنمية البشرية بصفة عامة. وهذا ما يؤدي إلى قلة الموارد المالية التي يمكن استغلالها في الاستثمار الاقتصادي ويزيد من صعوبة رفع مستوى المعيشة للفرد والأسرة والمجتمع، خاصة وأن مضاعفة متوسط الدخل للفرد يتطلب مضاعفة الدخل القومي أربع مرات في غضون ٢٥ سنة، عندما يتضاعف السكان خلال هذه الفترة.
يعد معدل نمو السكان في الوطن العربي من أعلى معدلات النمو في العالم، إذ يبلغ ٣.١ % في السنة بالمقارنة مع ١.٧ % للعالم، ومع ذلك فإن معدلات النمو السكاني في بعض الدول العربية أعلى من هذا المتوسط. وتعاني بعض الدول العربية من المشاكل المترتبة على عدم التوازن بين حجم السكان الآخذ بالتزايد بتلك المعدلات المرتفعة وبين الموارد الأساسية المتاحة بها وصفة خاصة الغذاء وقد ساهمت هذه المشاكل في انتشار سوء التغذية بين أعداد كبيرة من سكان هذه الدول، ومن ثم تعرضهم للإصابة بالأمراض والوفاة في سن مبكرة، خاصة بين أفراد الأسر ذات المستويات المنخفضة من الدخل.
وحتى يمكن توفير احتياجاتها من الغذاء، تخصص البلاد العربية أجزاء كبيرة من ميزانيتها للاستيراد من الخارج، مما يشكل أعباء ضخمة على ميزان المدفوعات في كل منها من ناحية، ويؤدي إلى تخفيض الميزانيات الاستثمارية وبالتالي عرقلة معدلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية خاصة في البلاد محدودة الدخل من الناحية الأخرى.
فالمشاكل التي تواجه الدول العربية في محاولاتها تأمين نوعية مقبولة من الحياة للسكان كثيرة ومعقدة، وتتداخل فيها عدة عوامل ديموغرافية وسياسية وبيولوجية واجتماعية وثقافية واقتصادية وتعليمية وتكنولوجية وبيئية. وبالنظر إلى