لقد عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها "حالة المعافاة الكاملة بدنيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا لا مجرد انتفاء المرض أو العجز"٥.
ويرى السير هارولد هيمزورث sir Harold Himsworth ٦، بأن التغذية هي دراسة تأثير الغذاء "الطعام" ومكوناته على الكائن الحي. ومن هنا فإن التغذية الجيدة ضرورية للصحة وللمحافظة على الأنسجة سليمة. فالطعام يزودنا بالعناصر الغذائية، وإذا لم نأخذ من هذه العناصر الاحتياجات اليومية التي تحقق "التوازن" balance، فإن كثيرًا من الأمراض والأعراض المرضية تحدث. ذلك أن لكل عنصرمن العناصر الغذائية وظيفة أو أكثر داخل الجسم، وأن نقص أي منها يؤدي إلى الأعراض المرضية، كما أن الإفراط في بعضها يؤدي أيضًا إلى حالات مرضية.
فالتغذية الجيدة للفرد ضرورية للنمو والتطور السليمين، وهي ضرورية لصيانة ما يتلف من أنسجته وخلاياه ولقيامه بوظائفه ونشاطاته الحيوية بكفاءة ولمقاومة المرض والعدوى. والتغذية ضرورية لسلامة الجسم والعقل، وقديمًا قيل العقل السليم في الجسم السليم.
كما أن الوضع التغذوي الجيد للأفراد ينعكس على المجتمع بكامله. فمما لا شك فيه أن مجتمعًا يعاني أفراده من سوء التغذية لا يكون عطاؤه عطاء جيدا، بل على العكس تكون الإنتاجية فيه متدنية ولا يمكنه أن يحقق التنمية المنشودة لا في الحقل الاقتصادي ولا الاجتماعي ولا التصنيعي أو التربوي والتعليمي. فالبرامج التنموية والإنتاجية في العمل تحتاج إلى مستوى صحي جيد. ولذا كان من واجب الدولة أن تسعى إلى تقييم الوضع التغذوي بين مواطنيها وتحسينه كوسيلة للنهوض بالصحة العامة والوقاية من الأمراض. ولا بد من معرفة الوسائل وإجراء البحوث المستمرة لتحقيق ما يلي: ١- تحسين الوضع التغذوي للفئات المعرضة لنقص العناصر الغذائية، مثل الحوامل والمرضعات والأطفال والمسنين، ٢- وضع برامج تنموية تسعى إلى المزيد من إنتاج الغذاء وتصنيعه وخزنه، ٣- وضع برامج في التربية التغذوية في المدارس والمعاهد المتوسطة وفي الجامعات، ٤- توزيع الطعام على الفئات الفقيرة والمريضة، وذلك عن طريق إنشاء برامج التغذية المدرسية، لا سيما في الأرياف والبوادي، ودعم السلع الغذائية الأساسية بحيث ينعكس ذلك على الفقراء وذوي الدخل المحدود، ٥- إجراء دراسات مسح غذائي هدفها اكتشاف حجم المشكلة الغذائية في البلاد.
وتساهم الهيئات الدولية، ومن أهمها منظمة الصحة العالمية، في نشر الوعي الغذائي وتعزيز الوضع التغذوي بشتى الطرق. ولا بد هنا من القول أن عصبة الأمم كانت أول من أرسى أسس التعاون في مجال التغذية على المستوى العالمي، وأول من لفت الانتباه إلى العلاقة المتينة بين الصحة والتغذية والتنمية الزراعية والاقتصادية من خلال الوثيقة التي وضعتها منذ نشأتها باسم "علاقة التغذية بالصحة والزراعة والسياسة الاقتصادية" The Relation of Nutrition to Health, Agriclture and Economic Policy.