ثبت عبر التاريخ أنه عندما يصبح الغذاء شحيحا ويزداد الطلب عليه، تسود الممارسات الخادعة في تصنيعه وتجارته أو الإعلان عنه. ولهذا كان اهتمام الإنسان المتزايد بالرقابة على الأغذية منذ المجتمعات القديمة، حيث كان يسود الكثير من المعتقدات المتعلقة بالغذاء، ثم جاءت بعد ذلك الأديان السماوية بأحكام صريحة في هذا الشأن، تعالج ما كان سائدا وقتذاك، وأبرزها ما جاء في القرآن الكريم عن:
تحريم استهلاك الحيوانات النافقة، والاقتصار على بعض الحيوانات المذبوحة بطريقة سليمة حددتها أحكام الدين.
تحريم استهلاك دم الحيوانات ولحم الخنزير.
تحريم الغش في الموازين والمكاييل أثناء عمليات التجارة أو المقايضة في السلع عامة.
كما أشار القرآن الكريم صراحة إلى القيمة الغذائية للتمر وعسل النحل.
وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم:"من غش فليس منا".
العصور الوسطى:
وكانت الرقابة في البداية مقصورة على الوازع النفسي، والرغبة في الالتزام بالمعتقدات القبلية أو الوازع الديني. إلا أن التاريخ أوضح في العصور الوسطى مدى الحاجة إلى تشريعات تحمي المشتريات والتجار الأمناء وتميزهم عن غيرهم من الرافضين الالتزام بالعادات أو الأحكام المقبولة للممارسة السليمة غير الخادعة في شؤون إعداد الغذاء أو الاتجار فيه. وكانت مكافحة الغش والخداع في شؤون الغذاء شغل الإنسان الشاغل في العصور الوسطى. وقد ظهر ذلك بوضوح فيما تضمنته روح الأحكام السائدة في هذه الفترة، حيث بني الإجراء ضد المذنب بموجب هذه التشريعات، وبصورة واضحة، على العمليات التجارية الخادعة. ولم يكن هناك قصد صريح لحماية الصحة العامة، إلا أنه لحسن الحظ توفرت الحماية للصحة العامة بطريقة غير مباشرة في سياق الحماية ضد الخداع.
الثورة الصناعية:
إلا أن الفترة التي بدأت بالثورة الصناعية وحتى النصف الثاني من القرن التاسع