عندما يسافر الإنسان إلى إحدى الدول البعيدة عن موطنه، فإن أول تماس له بالبلد الجديد يتأتى من خلال تناول الوجبات الشعبية في البلد التي يزورها. وتختلف الأطعمة السائدة في مختلف بلاد العالم من حيث مكوناتها وطعمها واستعمال التوابل في تحضيرها وطريقة طهيها وتقديمها. وبالرغم من أن الفنادق الكبرى تعمل على توفير الأطعمة التقليدية في أي بلد في العالم، إلا أن السائح أو الزائر غالبا ما يفضل تناول الأطباق والأطعمة الوطنية.
وبفضل ارتفاع دخل الفرد في بعض الدول العربية مثل دول الخليج العربي، تنشط السياحة الخارجية خاصة خلال فصل الصيف، حيث يغادر عدد كبير من سكان الخليج بلادهم لقضاء فصل الصيف في الولايات المتحدة الأميركية أو دول أوروبا أو الدول العربية المعتدلة المناخ مثل مصر ولبنان وتونس والمغرب. ونتيجة للاختلاط بهذه الشعوب يكتسب المسافر بعض العادات الغذائية الجديدة، ويعتاد على تناول أطعمة جديدة قد تكون غير معروفة في بلده الأصلي. وإذا ما أعجبته فإنه قد يسأل عن طريقة إعدادها وطهيها ليقوم بتحضيرها عند عودته لبلده. وتحدث هذه الظاهرة بصفة خاصة عند سفر السيدات إلى الدول الأخرى. ولا ينفي ذلك إصرار بعض المسافرين للسياحة على إعداد أطعمتهم الوطنية بأنفسهم، وقد يدفعهم ذلك إلى قضاء إجازتهم في الشقق المفروشة بدلا من الفنادق، مما يمنعهم من التعرف على الجديد من الأطعمة الشهية.
وفي نفس الوقت تعتبر بعض البلاد العربية من بلاد الجذب السياحي، إذ يقوم أعداد كبيرة من رجال الأعمال بزيارة هذه الدول بحثا عن الصفقات التجارية المربحة، كما يحضر الملايين من السائحين إلى مصر وتونس والمغرب لزيارة المعالم الأثرية والاستمتاع بالمناخ المعتدل صيفا وشتاء. وقد أدى ذلك على قيام صناعات غذائية وفندقية متقدمة لتوفير الأغذية المناسبة للزائرين بما يتوافق مع عاداتهم الغذائية. وتدريجيا بدأ أبناء هذه البلاد في اكتساب المهارة في إعداد هذه الأطعمة التي بدأت تنتشر تدريجيا في بلاد الجذب السياحي العربية.
وهكذا نرى أن للسفر والسياحة أهمية خاصة في تحديد نوعية الأغذية في المنطقة العربية سواء بين أبناء هذه الدول الذين يسافرون للسياحة إلى مختلف مناطق العالم أو من السائحين ورجال الأعمال والعمالة التي تفد بالملايين إلى مختلف مناطق الوطن العربي.