ينتج الإنسان أنواعا كثيرة من الملوثات، ويصل معظمها إلى البيئة المائية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وبعض هذه الملوثات "ومنها معظم المواد العضوية" يتحلل بواسطة العمليات البيولوجية العادية، إلا أن غيرها كالمواد الكيميائية الهيدروكربونية الكلورية، تكون مقاومة للانحلال وتستمر مدة طويلة في البيئة المائية، وتكون البحار والمحيطات المصب النهائي لها، حيث تتجمع إما في الماء أو في الاحياء المائية أو في المترسبات في القاع. وتصل هذه الملوثات إلى مياه البحار والمحيطات بعدة طرق: فبعضها يترشح من الأرض أو يحمل إلى البحر عن طريق الأنهار كرواسب من تآكل الأرض، وبعضها يحول عمدا إلى الأنهار أو مباشرة في المحيطات كنفايات صناعية ومنزلية، وبعضها يفرغ مباشرة في البحار من السفن كنتيجة مباشرة لعمليات الملاحة، كما أن بعضها يحمل إلى البحار لمسافات طويلة عن طريق الجو قبل أن ينقي بواسطة الأمطار المتساقطة على كل من الأرض والبحار. وتعتمد الأهمية النسبية لهذه الطرق الملوثة للبحار على خواص ومصدر الملوثات.
وللملوثات المختلفة تأثيرات مختلفة على الأحياء المائية والأسماك، فبعضها ينشط نمو النباتات المائية، ويمكن أن يكون ذا فائدة إذا ما أمكن السيطرة عليه بطرق صحيحة، وبعضها يعتبر ساما وقد يؤدي إلى قتل الأحياء المائية أو يحولها إلى مواد غير صالحة للاستهلاك الآدمي، كما أن بعضها قد يكون غير ضار وليس له إلا تأثير بسيط على الأحياء المائية.
أ- مياه الصرف الصحي والزراعي: لمياه الصرف الصحي وبعض الصرف الزراعي تأثير مُسَمِّد الماء، إذ تزيد من معدل الإنتاج للأحياء المائية، إلا أنه بزيادة التسميد يتكثف نمو الطحالب والنباتات المائية بطريقة مزعجة، كما يغير من طبيعتها، حيث تقل أو تزول الأنواع التي تكون غذاء الحيوانات آكلة الأعشاب والتي بدورها تغذي الأسماك في المنطقة، في حين تنمو بغزارة الأنواع غير المناسبة كغذاء