تؤثر الصفات الجغرافية للدولة على استهلاك الغذاء، فعلى سبيل المثال يرتفع استهلاك الأسماك في البلاد التي تقع على البحار والمحيطات والبحيرات الداخلية، فيما يتناقص استهلاك المنتجات البحرية بدرجة كبيرة في المناطق الداخلية التي تبتعد عن مصادر المياه. وتتأكد هذه الظاهرة عندما لا تتوفر وسائل جيدة وسليمة لنقل الأسماك إلى المناطق الداخلية. وفي الوطن العربي يرتفع استهلاك الأسماك في دول الخليج العربي التي تتميز بارتفاع نصيب الفرد من الروبيان "القريدس" وأسماك الخليج الأخرى.
وفي مصر يرتفع أيضا استهلاك الأسماك في المدن التي تقع على السواحل الشمالية مثل الإسكندرية ورشيد، وكذلك التي تقع على خليج السويس أو البحر الأحمر. وعلى العكس من ذلك يتناقص استهلاك الأسماك في المناطق الداخلية التي تقع بعيدا عن مجرى النيل الذي يعتبر أيضا من المصادر الجيدة للأسماك. وفي المغرب العربي يرتفع إنتاج واستهلاك الأسماك في دول المغرب العربي وموريتانيا التي تقع على منطقة تعتبر من أفضل مصايد الأسماك.
وتؤثر جغرافية إنتاج الغذاء في معدلات الاستهلاك، حيث تنخفض أسعار المواد الغذائية في مناطق الإنتاج، خاصة عندما لا تتوفر وسائل المواصلات التي تساعد على نقل المواد الغذائية إلى مناطق الاستهلاك. ويعتبر عدم توفر وسائل النقل من الأسباب الرئيسية التي تعوق التطور الزراعي والاقتصادي في مناطق الإنتاج. وتزداد المشكلة تفاقما عندما لا تتوفر الخبرة أو المعرفة الفنية بطرق حفظ المواد الغذائية.
وعلى العكس من ذلك فإن توفر وسائل نقل المواد الغذائية، وتطور حفظها وسرعة توزيعها من خلال شبكة طرق متطورة، أدى إلى توفر المواد الغذائية في مختلف مناطق وبلاد العالم. ونظرة سريعة لأحد الأسواق في أية دولة خليجية تؤكد هذه الظاهرة، حيث تتوافر المواد الغذائية من كافة بلاد العالم من مختلف القارات. وقد أدى ذلك إلى تشجيع المستهلك على تجربة المواد الغذائية الجديدة التي أعجبت البعض فأقبل عليها وأصبحت تشكل جزءًا أساسيا من وجبته الغذائية.
وتكون هذه الصورة أقل وضوحا في المناطق الريفية حيث تميل الأسرة إلى استهلاك جزء مما تنتجه من الغذاء، على عكس المدن الرئيسية التي تعتمد في غذائها إما على إنتاج الغذاء في المناطق الريفية أو على الغذاء المستورد من البلاد الأخرى.