وعندما لا تتوفر الأطعمة اللازمة لكل أفراد الأسرة لا يتم توزيع الطعام المتوفر بطريقة مناسبة وفقا للاحتياجات الغذائية، بل يحظى الكبار بالنصيب الأكبر من الغذاء المتوفر، ويحظى الأطفال والسيدات بالنصيب الأقل أو ما يتبقى من المواد الغذائية. ويعتبر سوء توزيع الطعام بين أفراد الأسرة من الأسباب الهامة التي تؤدي إلى تعرض أفراد الفئات الحساسة للمشاكل المترتبة على سوء التغذية.
وفي كثير من المجتمعات العربية لا تتناول الأسرة طعامها مجتمعة، بل يتناول الرجل والأبناء الذكور الطعام أولا، وبعد أن ينتهوا من تناول طعامهم تبدأ الإناث والأطفال في تناول ما يتبقى من طعام. ويؤدي ذلك بالطبع إلى تناول الذكور لأطيب الطعام خاصة مصادر البروتين الجيدة مثل اللحوم والدواجن التي لا يتقي منها الكثير لأفراد الأسرة الأكثر احتياجا، وهم الأطفال والسيدات. وتوجد هذه الظاهرة بوضوح في المناطق الريفية والمدن الصغرى في كثير من الدول العربية.
وقد أدى ارتفاع مستوى التعليم وعمل المرأة إلى اختفاء هذه الظاهرة بصورة تدريجية، وتكاد لا تلاحظ بين أفراد الأسر الصغيرة التي يكون فيها الوالدان من الفئات المتعلمة. أما في المجتمعات العربية التي تحظى بارتفاع دخل الأسرة، فإن كميات الطعام المتوفرة غالبا ما تزيد كثيرا عن احتياجات كل أفراد الأسرة، وبذلك لا يمثل توزيع الطعام بين أفراد الأسرة أهمية تذكر.
وفي بعض الأسر تفضل الأم أن يتناول كل أفراد الأسرة الوجبة الرئيسية سويا ويتوقف موعد هذه الوجبة على عمل الأب. فعندما يعمل خارج المنزل طوال ساعات النهار تؤجل هذه الوجبة إلى ساعات الليل، ويعني ذلك حرمان الأطفال من الطعام الجيد طوال ساعات النهار، إذ تكتفي الأم بتقديم ما يكفي لسد رمقهم انتظارا لعودة الأب في المساء. وفي مثل هذه الأسرة يكون توزيع الطعام غير عادل بالمرة، حيث تفضل الأم إعطاء الأب الذي يعمل طوال ساعات النهار النصيب الأكبر من الأطعمة ذات القيمة الغذائية المرتفعة، مما يقلل من نصيب الأطفال من هذه الأغذية.
وفي دراسة لأثر أنماط توزيع الغذاء في الأسرة وأثرها على الحالة التغذوية للطفل في السن قبل المدرسة [٣٠] أوضحت النتائج أن الأسر من المستويات الاجتماعية والاقتصادية المرتفعة تعمد إلى شراء كميات كبيرة من مصادر البروتين الجيدة مثل اللحوم واللبن والبيض كما أنها تعطي الطفل نصيبا كبيرا من هذه الأغذية، على عكس الأسر محدودة الدخل التي تعمد إلى شراء كميات أكبر من الأغذية الغنية بالمواد النشوية التي تستخدم في ملء معدة الطفل دون إعطائه حاجته من مصادر البروتين الجيدة، حيث تفضل الأم تخصيص الجزء الأكبر منها للزوج ويجب العمل على محاربة هذه الظاهرة من خلال برامج التثقيف والتوعية التغذوية لتعريف ربة الأسرة باحتياجات أفراد الأسرة من مختلف الأعمار.