لفرنسا استحدثت قوانين فرنسية في مجال الرقابة على الأغذية، والبلاد التي كانت تابعة لإنجلترا اتبعت الطريقة الإنجليزية، وهكذا. وكانت تشريعات الأغذية لدى الدول حديثة الاستقلال مستوردة، وكانت في حاجة إلى تعديلات كثيرة لتتلاءم مع الأوضاع المختلفة تماما عن تلك التي وضعت من أجلها القوانين في بلادها الأصلية وقد بدأت في بعض الدول المحاولات المحلية لتحديث القوانين أو ضبط التناقضات في التشريعات التي كانت سارية سابقا، وانتهت في بعض البلاد إلى ضرورة استحداث قانون جديد متكامل كحل وحيد لمعالجة الموقف معالجة كافية مع تطوير خدمات التحليل والتفتيش.
وتعاني معظم الدول النامية بصفة عامة ومعظم دول الشرق الأدنى بصفة خاصة الكثير من المشاكل التي تعترض إقامة أجهزة كافية وفعالة، أو تطوير ما لديها من أجهزة في مجال الرقابة على الأغذية، منها النقص الكبير في الخبراء القادرين على تخطيط نظام متكامل للرقابة على الأغذية يتناسب مع الظروف المحلية، مع الأخذ في الاعتبار الظروف العالمية، أو النقص الكبير في الفنيين المؤهلين والمدربين تأهيلا وتدريبا كافيين لإجراء عمليات التحليل، وخاصة تلك المتناهية في الدقة، وكذلك عمليات التفتيش الصحيحة، وأخذ العينات، أو نقص في المعدات أو التمويل اللازم. إلا أن المشكل المشترك دون جدال هو غياب السلطة والإدارة القوية المنسقة لتلك الجهود.
نشأة فكرة المواصفات القياسية للأغذية وتطورها:
إن الاهتمام العالمي بالمواضيع المتعلقة بالرقابة على سلامة وجودة الأغذية حديثا نسبيا. ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية أسهم التقدم الضخم في التكنولجيا في تنشيط التجارة العالمية للغذاء، وتطلب الأمر إعادة تقييم الموقف، حيث اهتمت مجموعات من الدول بالمشاكل المتعلقة بمضافات الأغذية ومستويات الأمان لبقايا مبيدات الآفات "الهوام" في الأغذية، ورأت مجموعات أخرى من الدول ضرورة إزالة بعض العوائق المحلية التي تعترض التيار المتدفق بين الدول للمواد الغذائية القابلة للتلف. ومع ازدياد المصالح في الأسواق العالمية وتحسين التجارة الدولية في الغذاء أقامت الحكومات الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة FAO ومنظمة الصحة العالمية "WHO" عام ١٩٦٢ برناماجا مشتركا حول المواصفات القياسية للأغذية وذلك عملا بنهج يرجع إلى عام ١٩٥٨.
فأنشأت جهازا فرعيا مشتركا هو هيئة مدونة الأغذية the Codex Alimentarius Commission في روما، حيث مقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. وقد أخذت هذه الهيئة واللجان المنبثقة عنها على عاتقها القيام بالدور القيادي في إعداد المواصفات القياسية الدولية للأغذية ومستويات الأمان لبقايا مبيدات الهوام والذيفانات والسموم الملوثة للأغذية وغيرها في أنحاء العالم.