للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ أَصْلًا لَهُ شُعَبٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَكُلُّ شُعْبَةٍ مِنْهَا تُسَمَّى: إِيمَانًا، فَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ، وَالْأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ، كَالْحَيَاءِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْخَشْيَةِ مِنَ اللَّهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، حَتَّى تَنْتَهِيَ هَذِهِ الشُّعَبُ إِلَى إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ. وَهَذِهِ الشُّعَبُ، مِنْهَا مَا يَزُولُ الْإِيمَانُ بِزَوَالِهَا [إِجْمَاعًا] ، كَشُعْبَةِ الشَّهَادَةِ، وَمِنْهَا مَا لَا يَزُولُ بِزَوَالِهَا، كَتَرْكِ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَبَيْنَهُمَا شُعَبٌ مُتَفَاوِتَةٌ تَفَاوُتًا عَظِيمًا، مِنْهَا مَا يَقْرُبُ مِنْ شُعْبَةِ الشَّهَادَةِ، وَمِنْهَا مَا يَقْرُبُ مِنْ شُعْبَةِ إِمَاطَةِ الْأَذَى. وَكَمَا أَنَّ شُعَبَ الْإِيمَانِ إِيمَانٌ، فَكَذَا شُعَبُ الْكُفْرِ كُفْرٌ، فَالْحُكْمُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ - مَثَلًا مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ كُفْرٌ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي لَفْظٍ: «لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ -: فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» . وَمَعْنَاهُ - وَاللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>