للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بِبَقَاءِ الْجَنَّةِ وَبِفَنَاءِ النَّارِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَالْقَوْلَانِ مَذْكُورَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهَا.

وَقَالَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ إِمَامُ الْمُعَطِّلَةِ، وَلَيْسَ لَهُ سَلَفٌ قَطُّ، لَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَلَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَفَّرُوهُ بِهِ، وَصَاحُوا بِهِ وَبِأَتْبَاعِهِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ. وَهَذَا قَالَهُ لِأَصْلِهِ الْفَاسِدِ الَّذِي اعْتَقَدَهُ، وَهُوَ امْتِنَاعُ وُجُودِ مَا لَا يَتَنَاهَى مِنَ الْحَوَادِثِ! وَهُوَ عُمْدَةُ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ، الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ، وَحُدُوثِ مَا لَمْ يَخْلُ مِنَ الْحَوَادِثِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ عُمْدَتَهُمْ فِي حُدُوثِ الْعَالَمِ. فَرَأَى الْجَهْمُ أَنَّ مَا يَمْنَعُ مِنْ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا فِي الْمَاضِي، يَمْنَعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ! ! فَدَوَامُ الْفِعْلِ عِنْدَهُ عَلَى الرَّبِّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمْتَنِعٌ، كَمَا هُوَ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي! ! وَأَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَافَقَهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، لَكِنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا يَقْتَضِي فَنَاءَ الْحَرَكَاتِ، فَقَالَ بِفَنَاءِ حَرَكَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى يَصِيرُوا فِي سُكُونٍ دَائِمٍ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى حَرَكَةٍ! ! وَقَدْ تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إِلَى اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>