لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَأَنَّهُ جَهْمِيٌّ، فَتَرَكَّبَ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِتْنَةٌ وَقَعَتْ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ طَاهِرَ بْنَ أَحْمَدَ الْوَرَّاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شَاذَانَ الْهَاشِمِيَّ يَقُولُ: لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِيشِ الْحِيلَةُ لَنَا فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، كُلُّ مَنْ يَخْتَلِفُ إِلَيْكَ يُطْرَدُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَلَيْسَ لَكُمْ مَنْزِلٌ، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى كَمْ يَعْتَرِيهِ الْحَسَدُ فِي الْعِلْمِ، وَالْعِلْمُ رِزْقٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يُعْطِيهِ مَنْ يَشَاءُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تُحْكَى عِنْدَكَ، فَقَالَ لِي هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَشْئُومَةٌ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ وَمَا نَالَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي لَا أَتَكَلَّمُ فِيهَا، وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَا يُجِيبُ فِيهَا إِلَّا مَا يَحْكِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَوَقَفَ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ، فَلَمَّا وَقَفَ عَنْهَا الْبُخَارِيُّ تَكَلَّمَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَقَالَ: قَدْ أَظْهَرَ هَذَا الْبُخَارِيُّ قَوْلَ اللَّفْظِيَّةِ، وَاللَّفْظِيَّةُ شَرٌّ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَدْلَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدِ بْنَ الشَّرْقِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَحَيْثُ تَصَرَّفَ، فَمَنْ لَزِمَ مَا قُلْنَا اسْتَغْنَى عَنِ اللَّفْظِ وَعَمَّا سِوَاهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْقُرْآنِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ وَخَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَجُعِلَ مَالُهُ فَيْئًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ وَلَا يُجَالَسُ وَلَا يُكَلَّمُ، وَمَنْ وَقَفَ وَقَالَ لَا أَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدْ ضَاهَى الْكُفْرَ، وَمَنْ ذَهَبَ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا إِلَى مَجْلِسِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَاتَّهِمُوهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نُعَيْمٍ يَقُولُ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ لَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ مِنْ شَأْنِهِ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَفْضَلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَلَى هَذَا حَيِيتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute