الْكَحَّالِ فِي الْعُمْيَانِ؟ فَمَنْ يَشُكُّ فِي الْقَلْبِ وَصِفَاتِهِ، وَاللِّسَانِ وَحَرَكَاتِهِ، وَالْحَقِّ وَأَصْوَاتِهِ وَالْبَصَرِ وَمَرْئِيَّاتِهِ، وَالْوَرَقِ وَمِدَادِهِ، وَالْكَاتِبِ وَآلَاتِهِ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ: لَا يَبِيعُ كِتَابَ اللَّهِ وَإِنَّمَا يَبِيعُ عَمَلَ يَدِهِ، وَقَالَ زِيَادٌ مَوْلَى سَعِيدٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَا نَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ مَتْجَرًا وَلَكِنْ مَا عَمِلَتْ يَدَاكَ فَلَا بَأْسَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ: إِنَّمَا هُمْ مُصَوِّرُونَ يَبِيعُونَ عَمَلَهُمْ، عَمَلَ أَيْدِيهِمْ، وَذَكَرَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ قَالَ، وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨] قَالَ وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَلَفَّظَ بِهِ الْعِبَادُ وَالْمَلَائِكَةُ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ - وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: ٩٧ - ١٧] قَالَ وَسَمِعَ عُمَرُ مُعَاذًا الْقَارِئَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: ١٩] ثُمَّ رُوِيَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: مَا سَمِعْتُ صَنْجًا قَطُّ وَلَا بَرْبَطًا وَلَا مِزْمَارًا أَحْسَنَ مِنْ صَوْتِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ إِلَّا فُلَانٍ إِنْ كَانَ لَيُصَلِّيَ بِنَا فَنَوَدُّ أَنَّهُ قَرَأَ الْبَقَرَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ.
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَصْوَاتَ الْخَلْقِ وَدِرَاسَتَهُمْ وَقِرَاءَتَهُمْ وَتَعَلُّمَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا أَحْسَنُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَتْلَى وَأَزْيَنُ وَأَصْوَتُ وَأَرْتَلُ وَأَلْحَنُ وَأَعْلَى وَأَخَفُّ وَأَغَضُّ وَأَخْشَعُ، قَالَ تَعَالَى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه: ١٠٨] وَأَجْهَرُ وَأَخْفَى وَأَمَدُّ وَأَخْفَضُ وَأَلْيَنُ مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ " «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَشْتَدُّ عَلَيْهِ لَهُ أَجْرَانِ» " وَمُرَادُهُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عِلْمُهُ وَسَعْيُهُ.
وَذَكَرَ حَدِيثَ قَتَادَةَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " «كَانَ يَمُدُّ مَدًّا» " وَفِي رِوَايَةٍ " «يَمُدُّ صَوْتَهُ مَدًّا» " ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ «قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ» عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْفَجْرِ: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: ١٠] يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ» يَعْنِي فَالْمَدُّ وَالصَّوْتُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute