للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، وَقَالُوا: فَلَوْ جَازَ عَلَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنْ تَكُونَ كَذِبًا لَمْ تَكُنْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَلَا كَانَتْ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَآتَاهُ إِيَّاهُ تَفْسِيرًا لِكِتَابِهِ وَتَبْيِينًا لَهُ، وَكَيْفَ تَقُومُ حُجَّتُهُ عَلَى خَلْقِهِ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذِبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ تُجْرَى مَجْرَى تَفْسِيرِ الْكِتَابِ وَبَيَانِ الْمُرَادِ، فَهِيَ الَّتِي تُعَرِّفُنَا مُرَادَ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ، فَلَوْ جَازَ أَنْ تَكُونَ كَذِبًا وَغَلَطًا لَبَطَلَتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ، وَلَقَالَ كُلُّ مَنِ احْتُجَّ عَلَيْهِ بِسُنَّةٍ تُبَيِّنُ الْقُرْآنَ وَتُفَسِّرُهُ: هَذَا فِي خَبَرِ وَاحِدٍ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فَلَا تَقُومُ عَلَيَّ حُجَّةٌ بِمَا لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَهَذَا طَرْدُ هَذَا الْمَذْهَبِ الْفَاسِدِ، وَأَطْرَدُ النَّاسِ لَهُ أَبْعَدُهُمْ عَنِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ.

وَالَّذِي جَاءَ يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبَ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ، وَيَرْجِعُونَ إِلَى الْخَيَالَاتِ الذِّهْنِيَّةِ وَالشُّبُهَاتِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَلَقَّوْهَا عَنْ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ وَالتَّجَهُّمِ وَالِاعْتِزَالِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا بَرَاهِينُ عَقْلِيَّةٌ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ وَقَدْ قَسَّمَ الْأَخْبَارَ إِلَى تَوَاتُرٍ وَآحَادٍ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ التَّوَاتُرِ: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْأَخْبَارِ فَهُوَ مَا لَا يَرْوِيهِ إِلَّا الْوَاحِدُ الْعَدْلُ وَنَحْوُهُ، وَلَمْ يَتَوَافَرْ لَفْظُهُ وَلَا مَعْنَاهُ، وَلَكِنْ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ عَمَلًا بِهِ أَوْ تَصْدِيقًا لَهُ كَخَبَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» " وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ " «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ» " وَخَبَرِ أَنَسٍ «دَخَلَ مَكَّةَ عَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» ، وَكَخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ " «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» " وَكَقَوْلِهِ " «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» " وَقَوْلِهِ:

<<  <   >  >>