" «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ» " وَقَوْلِهِ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا " «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» " وَقَوْلِهِ " «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» " وَقَوْلِهِ " «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» " وَقَوْلِهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ " «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى» " وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، فَهَذَا يُفِيدُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.
أَمَّا السَّلَفُ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، وَأَمَّا الْخَلَفُ فَهَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْكِبَارِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ مِثْلِ السَّرَخْسِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَابْنِ خُوَازِ مِنْدَادَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمِثْلِ الْقَاضِي وَأَبِي يَعْلَى وَابْنِ مُوسَى وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْحَنْبَلِيَّةِ، وَمِثْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الِاسْفَرَايِينِيِّ وَابْنِ فُورَكَ وَأَبِي إِسْحَاقَ النَّظَّامِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ طَائِفَةٌ كَابْنِ الْبَاقِلَّانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِثْلُ أَبِي الْمَعَالِي وَالْغَزَالِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَصَحَّحَهُ وَاخْتَارَهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ كَثْرَةَ الْقَائِلِينَ بِهِ لِيَتَقَوَّى بِهِمْ، وَإِنَّمَا قَالَهُ بِمُوجَبِ الْحُجَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَظَنَّ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ لَهُمْ عِلْمٌ وَدِينٌ وَلَيْسَ لَهُمْ بِهَذَا الْبَابِ خِبْرَةٌ تَامَّةٌ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو انْفَرَدَ بِهِ عَنِ الْجُمْهُورِ، وَعُذْرُهُمْ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إِلَى مَا يَجِدُونَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِنِ ارْتَفَعُوا دَرَجَةً صَعَدُوا إِلَى سَيْفِ الْآمِدِيِّ وَإِلَى الْخَطِيبِ، فَإِنْ عَلَا سَنَدُهُمْ صَعِدُوا إِلَى الْغَزَالِيِّ وَالْجُوَيْنِيِّ وَالْبَاقِلَانِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute