للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُقِلَ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ وَأَنَّ النُّقُولَ عَنْهُمْ لَا تُفِيدُ عِلْمًا، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ بِصِحَّتِهِ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ دُونَ الْمَنْقُولِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنْ أَبْيَنِ الْبَاطِلِ.

الدَّلِيلُ الثَّانِيَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَعْوَتُهُ نَوْعَانِ: مُوَاجَهَةٌ وَنَوْعٌ بِوَاسِطَةِ الْمُبَلِّغِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَتَيْنِ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَيَاتَهُ فِي تِلْكَ الدَّعْوَةِ وَالِاسْتِجَابَةِ لَهَا وَمِنَ الْمُمْتَنَعِ أَنْ يَأْمُرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِجَابَةِ لِمَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا مَا أَوْ يُجِيبَهُ بِمَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا أَوْ يَتَوَعَّدَهُ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِجَابَةِ لِمَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَاقَبَهُ، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ.

الدَّلِيلُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] وَهَذَا يَعُمُّ كُلَّ مُخَالِفٍ بَلَغَهُ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَوْ كَانَ مَا بَلَغَهُ لَمْ يُفِدْهُ عِلْمًا لَمَا كَانَ مُتَعَرِّضًا بِمُخَالَفَةِ مَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا لِلْفِتْنَةِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا لِمُخَالِفِ أَمْرِهِ عُذْرٌ.

الدَّلِيلُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩] إِلَى قَوْلِهِ: {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَرُدَّ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ هُوَ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِهِ وَالرَّدُّ إِلَى رَسُولِهِ هُوَ الرَّدُّ إِلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَوْلَا أَنَّ الْمَرْدُودَ إِلَيْهِ يُفِيدُ الْعِلْمَ وَفَصْلَ النِّزَاعِ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّدِّ إِلَيْهِ فَائِدَةٌ، إِذْ كَيْفَ يَرُدُّ حُكْمَ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إِلَى مَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا الْبَتَّةَ وَلَا يَدْرَى حَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ؟ وَهَذَا بُرْهَانٌ قَاطِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَلِهَذَا قَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَخْبَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُفِيدُ عِلْمًا، إِنَّا نَرُدُّ مَا تَنَازَعْنَا فِيهِ إِلَى الْعُقُولِ وَالْآرَاءِ وَالْأَقْيِسَةِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ الْعِلْمَ.

الدَّلِيلُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٤٩] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ كُلَّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ

<<  <   >  >>