١- يتبدل سلم القيم في تجمعات الأمة ليصبح محوره "الحمية القبلية فوق الفكرة والقوم"، الأمر الذي يشيع الصراعات القبلية، وتنحسر الفضائل وصلات المودة إلى داخل القبيلة دون سواها حيث تسمها سمات الرياء والمصانعة والنفاق. أما خارج القبيلة فإن الريبة والشح، والمشاحنات تصبح الطابع المميز لشبكة العلاقات الاجتماعية على المستوى الفردي والجماعي.
٢- يختفي مفهوم -الولاء للأمة- وينحسر ليتحدد بحدود القبيلة أو الطائفة، أو الإقليم أو الحزب أو المذهب أو الطريقة -حسب رموز صنمية العصر. ففي عصر جاهلية ما قبل الإسلام تنافست القبائل والعشائر العربية على إقامة التماثيل والنصب الحجرية، وحرصت كل عشيرة على بناء كعبة خاصة بها حتى بلغ عدد كعبات ذلك العصر حوالي عشر، وظلت قائمة حتى هدمها الرسول -صلى الله عليه وسلم١.
وفي العصر الحديث تتنافس القبائل، والطوائف والأقاليم والأحزاب في أقطار العالم العربي، والإسلامي على نصب أصنام، وتماثيل بشرية في قيادات الدول والجيوش والوزارات والدوائر، والبرلمانات ورئاسة البلديات والمجالس القروية والمخاتير، والعمد لا بهدف تطوير الأمة والنهوض بها في الداخل وتحقيق صمودها أمام الأخطار من الخارج، وإنما بقصد رفعة القبيلة أو الطائفة أو الإقليم أو الحزب، وتحقيق طموحاتها في الجاه والمكانة والثروة والنفوذ.
٣- تمتد آثار عودة القيم القبائلية إلى ميدان العمل، والاقتصاد لتضعف نشاطه وتحد من فاعليته. إذ إن العمل والاشتغال بالزراعة والصناعة والحرف ممارسات تحتقرها القيم القبلية، وتجعلها من مهام الخدم والعبيد الأمر الذي يهبط بمستوى الإنتاج الزراعي، والصناعي ويقود إلى إهمال العناية بمشروعاته، كذلك لا تساعد محاور الولاء القبلية على شيوع روح التعاون