للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- فقه الرجوع إلى إخراج الأمة المسلمة من جديد:

والمشلكة هنا في فقه "الرجوع" وطبيعته ومظاهره وطرقه، ووسائله وأدواته واستراتيجياته. فهو أيضا تحكمه السنن والقوانين، ويحتاج إلى فقهاء وعلماء مختصين. ويحتاج إلى مؤسسات فكرية وتربوية، ودوائر بحوث ودراسات. ويحتاج إلى ابتكار علوم جديدة ذات أصول إسلامية تعي ما يجري في قرية الكرة الأرضية وتسترشد بالتوجيهات النبوية من أمثال ما أورده المناوي في كتابه -فيض القدير- عن قوله -صلى الله عليه وسلم:

"رحم من حفظ لسانه، وعرف زمانه، واستقامت طريقته" ١.

فمعرفة الزمان، وتفتيق العلوم اللازمة لمعرفة الزمان وحاجاته، وتحدياته وأصول الوقائع والأحداث الجارية فيه شرط لتوجيه ظروفه، وتسخير أحداثه بدل الغرق في تيارها، وشرط لصوابية التخطيط والتنفيذ في استراتيجية "الرجوع" إلى إخراج الأمة المسلمة من جديد.

ومع إن مؤسسات التربية والفكر، والدعوة تحتاج أن تفرز علوما جديدة لفهم السنن، والقوانين التي توجه إخراج الأمة والمحافظة على عافيتها، وكيفية تحويل هذه العلوم إلى تطبيقات عملية في ميادين التربية والإدارة، وفي أخلاق العاملين فيها ومؤهلاتهم وعلاقاتهم، إلا أنه يمكن القول أن الوقوف على السنن، والقوانين التي توجه "فقه الرجوع إلى الإسلام" يستدعي مراعاة الأمور التالية:

أولا: انسحاب الطليعة الواعية المثقفة التي تحسن بمأساة -الأمة الميتة- من صفوف المجتمع الميت والتوقف عن الاشتغال بالقضايا العامة بغية التفرغ للقيام بـ"توبة" شاملة تبدأ في نفوس المسلمين، ويكون من ثمارها الانتقال من حالة -الحس- إلى حالة -الوعي- بأسباب الوفاة، وبالاستراتيجية اللازمة لإخراج أمة مسلمة جديدة.


١ المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، جـ٤، "القاهرة: دار الفكر، ١٣٩١/ ١٩٧٢" ص٢٩، رقم ٤٤٤٠.

<<  <   >  >>