والفقهاء والمتصوفين، وإنما نسترشد بالإشارات القرآنية العامة، كمقدمة توجه إلى ضرورة قيام المختصين بالتجارب العملية التي تهدف إلى الوقوف على القدرات العقلية، ووسائل تنميتها والتدريب على استعمالها.
فهذا هو الذي يتفق مع -منهج المعرفة الإسلامي- الذي قدمنا تفاصيله في كتاب -فلسفة التربية الإسلامية- حين ذكر أن الوحي يقدم -الخبر الصادق- تماما كما يقدم المنهج العلمي الحديث -فرضية البحث- وأن الخطوة التي تلي هي اختبار صدق هذا الخبر في ميدان الآفاق، والأنفس -للاطمئنان إلى صدقه- كما قال إبراهيم عليه السلام -وليحصل العلم الموصل إلى الإيمان واليقين.
ثانيا: منهج التفكير السليم
يتضمن منهج التفكير الذي تتطلع إليه التربية الإسلامية ثلاثة مكونات رئيسية هي: خطوات التفكير، وأشكال التفكير، وأنما التفكير، وفيما يلي تفصيل لكل من هذه المكونات الثلاثة:
أ- خطوات التفكير:
تبدأ خطوات التفكير السليم بالإحساس بالظاهرة، ثم الانتقال إلى خطوة الوعي بهذه الظاهرة وتحديد إطارها وميدانها، ثم الانتقال إلى خطوة التعرف على تفاصيل الظاهرة من خلال تحري المعلومات المتعلقة بها وجمعها، ثم الانتقال إلى مرحلة تحليل هذه المعلومات وتدبرها، وتصنيفها واكتشاف العلائق بينها، ثم الانتقال إلى خطوة اكتشاف الحكمة الكامنة وراء الظاهرة.
ومن الإنصاف أن نقول: إن خطوات التفكير العلمي التي أفرزتها التربية الحديثة تتطابق مع هذه الخطوات، بل إنها كانت مثيرا قويا في لفت الانتباه إلى خطوات التفكير، التي يشير إليها القرآن الكريم.