للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومغاربها وجزائرها وأطوادها، أعظم الآيات وأدل الدلائل على أن الله - عز وجل - يسر له من ذلك ما لم ييسره لموسى - عليه السلام -: بفلق البحر واليد والعصا والحجر والقُمَّل والدم والضفادع، وما لم ييسره للمسيح - عليه السلام -: بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، فإن [١٥٥/ب] دعوة موسى كانت مقصورة على بني إسرائيل؛ فاختلفوا عليه وأعنتوه في السؤال: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: ١٥٣]، و {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} [المائدة: ٢٤]، و {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨]، ثم عبدوا العجل بعد أن فارقهم هذا، وقد أراهم من الآيات العِظَام ما فيه بلاء مبين.

وكذلك دعوة عيسى لم يتبعه عليها مع آياته إلا قليل، ثم سعوا وعرّضوه لسفك الدم، واختلفوا بعده في عمود دينهم؛ فقالوا: هو الله، وهو ابن الله، وهو ثالث ثلاثة، والمسلمون وإن اختلفوا فاختلافهم في الفروع؛ والأصول سليمة، وكفى بهذا للنبي إثباتًا به علمًا ودليلًا.

وبعد فإنه ليس كل الأنبياء أُرسل بآية، ولا كلهم سُئل منهم آية أتى بها، ولا كل أمة اتبعت نبيًّا اتبعته على آية، فهذا داود لا آية له في الزبور، وهذا حزقيل أتته جماعة من بني إسرائيل يريدون امتحانه فأجابهم: «بأن ربّ الأرباب يقول: إنني أقسمت قسمًا باسمي إني أنا الحي، وإني لا أُحير جوابًا عمَّا يريدون».

وهذا المسيح أتاه قوم من اليهود يسألونه آية، فقذفهم وقال مجيبًا لهم: «إن القبيلة الخبيثة الفاجرة تطلب آية، ولن تُعطى آية؛ خلا آية يونان النبي - صلى الله عليه وسلم -».

<<  <   >  >>