للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عبد البر في الاستذكار: حديث أبي هريرة وحديث جابر صحيحان ثابتان، وقد روى عن عائشة رحمها الله معارضة لحديث أبي هريرة في هذا الباب [و] لم يلتفت أهل العلم إلى ذلك؛ لأن السنن لا تعارض بالرأى. فإن قيل: لم تعارض أبا هريرة برأيها، وإنما ذكرت أن رسول الله ربما انقطع شسع نعله فمشي في نعلٍ واحدة، قيل: لم يرو هذا والله أعلم إلا مَنْدَل بن علي عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. ومندل وليث ضعيفان لا حجة فيما نقلا منفردان، فكيف إذا عارض نقلهما نقل الثقات الأئمة (١)؟.

ذكر أبو بكر يعني ابن أبي شيبة: ثنا ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة كانت تمشى في خف واحد وتقول: "لأُحْنِثَنَّ أَبا هريرة" وهذا هو الصحيح، لا حديث مندل عن ليث والله أعلم (٢).

وقد روى عن علي أنه مشى في النعل الواحدة (٣)، وهذا يحتمل أن يكون يسيرًا وهو يصلح الأخرى، أو يكون لم يبلغه ما رواه أبو هريرة وجابر، مع أن حديث على لا يثبت (٤) من وجه يترتب عليه شيء ما (٥)، وعن رجل من مزينة عن علي: أنه كان يمشى في نعل واحدة وهو يصلح شسعه (٦).


= من طريق أبي خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله ، أو سمعت رسول الله يقول: إذا انقطع شسع أحدكم - أو من انقطع شسع نعله فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحد.
(١) الاستذكار (٢٦/ ١٩٥) رقم (٣٩١٩٧ - ٣٩١٩٨)
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٨/ ٢٢٩) (٨٤٦) من رخص أن يمشى في نعل واحدة حتى يصل الأخرى. رقم: (٤٩٨٢). وفيه: "لأخيفن" وفى مخطوطة للمُصَنَّف: "لأحمقن" وفي المطبوعة هنا "لأخشن" وما أثبتناه من الأصل. والله تعالى أعلم.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (الموضع السابق).
عن ابن إدريس، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من مزينة قال: رأيت عليًّا يمشي في نعل واحدة بالمدائن، كان يصلح شسعه. رقم (٤٩٨٠)
(٤ - ٥) ما بين الرقمين ساقط من المطبوع. وأثبتناه من الأصل.
(٦) الاستذكار (٢٦/ ١٩٥ - ١٩٦) أرقام (٣٩١٩٩ - ٣٩٢٠٢) =