للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطعام الذي أعطاها زوجها وجعله بحكمها دون سائر أمواله. والأصل تحريم مال الغير إلا بإذنه. قال: والحامل على ذلك أن أبا هريرة قال ذلك وهو أحد رواة تلك الأخبار (١). ونازعه الحافظ شمس الدين الذهبي وقال: بل الظاهر أنه أراد الإذن لها في الصدقة مما يقتاتونه من المطبوخ والمخبوز وهو الطعام الرطب، دون ما في البيت من مثل العسل والزيت والجبن مما يدخر، فإن ذلك مال؛ فإن أبا هريرة قال: والأجر بينهما. فأَما قوتها (٢) التي تأخذه من زوجها بالفرض ثم تؤثر منه فإن الأجر لها وحدها. اهـ.

وقال صاحب الدر النقى: هذا الأثر المروى عن أبي هريرة لا يصح؛ فإن في سنده عبد الملك العَرْزَمِي وهو متكلم فيه، قال البيهقى في موضع: "لا يقبل منه ما خالف فيه الثقات". ثم لو صح فالعبرة عند الشافعي بما روى لا بما رأى. وكيف يحمل ذلك على الطعام الذي أعطاها وفى حديث أبي هريرة "وما أنفقت من كسبه عن غير أمره"، بل يحمل ذلك على كل ما هو مأذون فيه إما صريحًا أو عرفًا أو عادة (٣).

وقد أخرج البيهقى أيضًا عن يحيى القطان عن زياد بن لاحق: حدثتني تميمة بنت سلمة أنها أتت عائشة في نسوة من أهل الكوفة فسألتها امرأة منا فقالت: "المرأة تصيب من بيت زوجها شيئًا بغير إذنه"؟ فغضبت وقطَّبت، وساءَها ما قالت، وقالت: "لا تسرقى منه ذهبًا ولا فضة ولا تأخذى منه شيئًا (٤).


(١) السنن الكبرى (٤/ ١٩٣) كتاب الزكاة - باب المرأة تتصدق من بيت زوجها بالشيء اليسير غير مفسدة.
(٢) في المطبوعة: "فأما قولها" وهو خطًا، وما أثبتناه من المخطوط.
(٣) هو المارديني في كتابه الجوهر النقى على سنن البيهقى، وهو مطبوع على هامش السنن الكبرى (٤/ ١٩٣).
(٤) السنن الكبرى (٤/ ١٩٣) الموضع السابق.
وفيه: "ولا تأخذى من بيته شيئًا".