للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى الخطابي عن الشافعي أَنه قال: كانت العرب تستشفى لوجع الصُّلبْ بالبول قائمًا، فيرى أنَّه لعله كان به إذ ذاك وجع الصلب (١).

والحمل على هذا متعين لأجل الجمع بين الروايتين. وأما رواية ابن ماجه: "من حدثك أن رسول الله بال قائمًا فلا تصدقه". ففيها مخالفة، فإِن كانت محفوظة فمحمولة على تلك، لأَن مخرجهما واحد، والمعنى الإِخبار عن الحالة المستمرة. ولم تطلع على ما اطلع عليه حذيفة. ولهذا علقت مستند إِنكارها برؤيتها حيث قالت: "أَنا رأَيته يبول قاعدًا". وأَيضًا القاعدة الأُصولية تقضى لحديث حذيفة من حيث إنه مُثبت فيقدم على من روى النفى.

ويدل عَلَى حمل الحديث على حالٍ: ما روى سفيان الثورى عن المقدام بن شريح عن أَبيه عائشة قالت: "ما بال رسول الله قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن" أَخرجه الحاكم، ثم أَخرجه عن إسرائيل عن المقدام به بلفظ: "سمعت عائشة تقسم بالله: ما رأى أحد رسول الله يبول قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن" وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والذي عندى أنَّهما لما اتفقا على حديث منصور عن أَبي وائل عن حذيفة: "أَن رسول الله أَتى سباطة قوم فبال قائمًا". ولكن حديث المقدام عن أَبيه عن عائشة ثقات رجاله، فتركاه والله أَعلم (٢).

وقد روى النهي عن البول قائمًا عمر بن الخطاب وابن عمر، أَخرجها ابن ماجه، وإسنادها لا يثبت (٣).


(١) معالم السنن (١/ ١٨).
(٢) المستدرك (١/ ١٨٥) كتاب الطهارة - البول قائمًا وقاعدًا.
ووافقه الذهبي.
(٣) جه (١/ ١١٢) الموضع السابق.
من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم بن أبي أمية، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: رآني رسول الله وأنا أبول فقال: يا عمر، لا تبل قائمًا فما بلت قائمًا بعدُ. رقم: (٣٠٨).
قال البوصيرى في الزوائد: عبد الكريم متفق على تضعيفه. =