قال:«لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي سبقت غضبي» وفي رواية: «تغلب غضبي» . قالوا: فلو بقي الكفار في النار، ولم تفن النار لكان غضبه قد سبق رحمته، وفي هذا خلف لخبر الصادق صلى الله عليه وسلم عن ربه، وخلف خبره مستحيل.
قالوا: وما ورد من النصوص الدالة على خلود الكفار فيها أبدا وعدم خروجهم منها فلا نزاع فيه، لكنه يقتضي البقاء في العذاب ما دامت النار باقية، وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد، وهناك فرق بين من يخرج من الحبس والحبس قائم، وبين من ينهدم حبسه وينتقض بناؤه، فيبطل حبسه وينتهي سجنه بانتقاض البناء، وقد يناقش هذا بأنه وإن صلح جوابا عن أدلة الخلود فلا يصلح جوابا عن النصوص الصريحة في أن عذابها مقيم، وأنه كان غراما، وأن النار كلما خبت زادها الله سعيرا، وأنهم لا يفتر عنهم العذاب ولا يخفف، بل يزيدهم الله عذابا، وأنهم كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، اللهم إلا أن يقال: إن الاستثناء بالمشيئة في الآيتين السابقتين مسلط على جميع النصوص التي دلت على دوام العذاب واستمراره، وعلى كل حال فالموضوع من شئون الله فليترك إلى الله سبحانه، والله أعلم.