وأما توحيد الأسماء والصفات: فهو أن يسمى الله ويوصف، بما سمى ووصف به نفسه، أو سماه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تأويل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.
ومن تبصر في العالم، وعرف شئونه وأحواله تبين له كمال تعلقه خلقا وأمرا بأسماء الله الحسنى، وصفاته العليا، وارتباطه بها أتم ارتباط، وظهر له أن الوجود كله آيات بينات، وشواهد واضحات على أسماء الله، وصفاته.
وقد ذكر (ابن القيم) في: "مدارج السالكين" طريقين لإثبات الصفات:
الإحسان، والنفع، ووصول المنافع العظيمة إلى المخلوق يدل على رحمة خالقه، وإحسانه، ووجوده، وما فيه من آثار الكمال يدل على أن خالفه أكمل منه، فمعطي الكمال أحق بالكمال.
وخالق الأسماع، والأبصار، والنطق أحق أن يكون سميعا بصيرا متكلما.
وخالق الحياة، والعلوم، والقدر، والإرادات أحق بأن يكون هو كذلك في نفسه، فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات هو من أدل شيء على إرادة الرب -سبحانه- ومشيئته، وحكمته التي اقتضت التخصيص، وحصول الإجابة عقيب سؤال الطالب على الوجه المطلوب دليل على علم الرب تعالى بالجزئيات، وعلى سمعه لسؤال عبيده، وعلى قدرته على قضاء حوائجهم، وعلى رأفته ورحمته بهم، والإحسان إلى المطيعين، والتقرب إليهم، والإكرام لهم، وإعلاء درجاتهم يدل على محبته ورضاه. وعقوبته للعصاة، والظلمة، وأعداء رسله بأنواع العقوبات المشهودة تدل على صفة الغضب. والسخط، والإبعاد والطرد، والإقصاء يدل على المقت، والبغض.