فإذا لم يحتج صاحب الشبهة إلا بالقرآن؛ وقال: إن الله تعالى أغنانا بالقرآن لقوله فيه: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} ، وقال فالقرآن بين واضح، ومبين لكل شيء فلا يحتاج معه سنة. فلماذا نتكلف البحث فيها والركون إليها أو الاحتجاج بها؟ ولماذا نتكلف هذا مع أن الله تكفل لنا ببيان كل ما نحتاج إليه في محكم كتابه لقوله تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} وهو القرآن {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} فلا حاجة إلى أن نكلف أنفسنا عناء البحث في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنعمل بما فيها وقد أغنانا الله بالقرآن عنها، ويقول سبحانه في آية أخرى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} ويريدون بالكتاب القرآن فيكون المعنى ما فرطنا في القرآن من شيء ففي القرآن كل شيء فلا حاجة إلى السنة، وهذا إنكار للسنة بجملتها أو إنكار للحاجة إليها وإلى الاحتجاج بها في الجملة، اكتفاء بما جاء في القرآن بهاتين الآيتين.
الجواب على هذه الشبهة:
وقد أجاب العلماء عن الاستدلال بهاتين الآيتين بأجوبة منها: أن المراد بقوله تعالى: {فِي الْكِتَابِ} ، في قوله تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} المراد به اللوح المحفوظ وليس القرآن الكريم.