للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدل بين عباده شرعا وقدرا، إلى غير ذلك مما لا يحصيه العد، ولا تحيط به العبارة.

وقام على ذلك أيضا دليل السمع، وأقر به كل مكلف حتى المشركون قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} وقال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} إلى أن قال: {أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، فأنكر سبحانه أن يكون معه إله فعل شيئا من ذلك، وقررهم بتفرده بكل شيء من الخلق والتدبير والتصريف والتقدير؛ ليجعل من ذلك ونحوه دليلا على توحيد العبادة الذي هو المقصود الأول من بعثة الرسل وإنزال الكتب وشرع الشرائع -كما سيجيء- ونظائر ما ذكر من الآيات كثير.

ولم يعرف عن طائفة بعينها القول بوجود خالقين متكافئين في الصفات والأفعال، ومن نقل عنهم من طوائف المشركين نسبة شيء من الآثار والحوادث إلى غير الله كقوم هود، حيث حكى الله عنهم {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} ، فإنما نسبوه إلى آلهتهم لزعمهم أنها وثيقة الصلة بالله، وأنها تملك الشفاعة عنده سبحانه لمن عبدها وتقرب إليها بالقرابين، فهي في زعمهم تملك لهم جلب النفع ودفع الضرر، لكن عن طريق الشفاعة لهم عند الله، ومن أجل

<<  <   >  >>